كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 8)

وأجيب: بأنه أمر نسبيّ، والإساءة تتعلق بالنقص، والظلم بالزيادة.
وقيل: فيه حذف: تقديره من نقص من واحدة،
لما رواه أبو نعيم بن حماد عن المطلب ابن حنطب مرفوعا: «الوضوء مرة، ومرتين، وثلاثا، فإن نقص من واحدة أو زاد على ثلاث، فقد أخطأ» وهو مرسل، ورجاله ثقات.
وأجيب عن الحديث- أيضا، بأن الرواة لم يتفقوا على ذكر النقص، بل أكثرهم يقتصر على قوله: «فمن زاد» فقط، كذا رواه ابن خزيمة في صحيحه.
الثالث: كان- صلى الله عليه وسلّم- يكره الإسراف،
فروى الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- مرّ بسعد وهو يتوضأ فقال: «ما هذا السّرف يا سعد؟» قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: «نعم، وإن كنت على نهر جار» [ (1) ] .
وروى الطبراني من طريقين في كل منهما ضعف، عن أبي الدرداء- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- توضأ من إناء على نهر، فلما فرغ أفرغ فضلة في النهر» [ (2) ] .
وروى الترمذي عن أبي بن كعب- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «إن للوضوء شيطانا يقال له ولهان، فاتقوا وسواس الماء» [ (3) ] .
الرابع: جزم ابن حزم بأن الوضوء لم يشرع إلا بالمدينة.
ورد عليه بما رواه الإمام أحمد من طريق ابن لهيعة عن الزهري عن عروة، عن أسامة بن زيد، عن أبيه: أن جبريل علّم النبي- صلى الله عليه وسلّم- الوضوء عند نزوله عليه بالوحي [ (4) ] .
وروى ابن ماجه عن طريق رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري نحوه، لكن لم يذكر في السند زيدا [ (5) ] .
ورواه الطبراني في الأوسط من طريق الليث عن عقيل موصولا، وسنده جيد [ (6) ] .
__________
[ (1) ] أحمد في المسند 2/ 221 وابن ماجة (425) والحكيم الترمذي في الأكياس والمغترين (27) وانظر التلخيص 1/ 101.
[ (2) ] ذكره الهيثمي وأعله بأبي بكر بن أبي مريم. المجمع 1/ 219.
[ (3) ] أخرجه أحمد في المسند 5/ 136 عن أبي والترمذي 1/ 84 حديث (57) وأعله وأخرجه ابن ماجة 1/ 146 حديث (421) .
[ (4) ] أخرجه أحمد من حديث أسامة عن أبيه 4/ 161.
[ (5) ] أخرجه ابن ماجة 1/ 157 حديث (462) عن أسامة عن أبيه وأعله الشهاب بابن لهيعة.
[ (6) ] أعله الهيثمي برشدين بن سعد انظر المجمع 1/ 241.

الصفحة 51