كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 11)

رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: كانت أوّلا عند الأسلم ثم خلف عليها أبو رهم، أسلم أبو سلمة، وهاجر الهجرتين كما تقدم بيان ذلك مبسوطا، وشهد بدرا، وجرح يوم أحد جرحا اندمل ثم نقص عليه فمات منه، وتزوّج النبي صلى الله عليه وسلم بعده أمّ سلمة، وصفيّة والدة الزبير بن العوام، شقيقة حمزة، أسلمت، وهاجرت مع ولدها الزّبير، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت الخندق مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقتلت رجلا من اليهود، وضرب لها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بسهم، وكانت في الجاهليّة تحت الحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس ثم هلك عنها فخلف عليها العوّام بن خويلد أخو أم المؤمنين خديجة- رضي الله تعالى عنها- فولدت له الزّبير والسّائب وعبد الكعبة، أسلم الزّبير والسّائب- رضي الله تعالى عنهما- وقتل الزّبير يوم اليمامة شهيدا، وتوفّيت في خلافة عمر- رضي الله تعالى عنها- سنة عشرين ولها ثلاث وسبعون سنة، ودفنت بالبقيع- رضي الله تعالى عنها- وجمانة وأروى، حكى أبو عمر عن ابن إسحاق أنه لم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفيّة، وتعقّب بقصّة أروى وذكرها العقيليّ في الصّحابة وأسند عن محمد بن عمر قصّة إسلامها، وقال ابن سعد: أسلمت أروى وهاجرت. قال في زاد المعاد:
وصحّح بعضهم إسلام أروى، وذكر ابن سعد أن أروى هذه رثت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيات:
ألا يا رسول الله، كنت رجاءنا ... وكنت بنا برّا ولم تك جافيا
أفاطم، صلّى الله، ربّ محمّد ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا
أبا حسن فارقته وتركته ... فبكّ بحزن آخر الدّهر شاحبا
فدىّ لرسول الله أمي وخالتي ... وعمّي ونفسي قصرة ثمّ خاليا
صبرت وبلّغت الرّسالة صادقا ... وقمت صليب الدّين أبلج صافيا
فلو أنّ ربّ الناس أبقاك بيننا ... سعدنا، ولكن أمرنا كان ماضيا
عليك من الله السّلام تحيّة ... وادخلت جنّات من العدن راضيا
وكنت بنا رؤوفا رحيما نبيّنا ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكي النّبي لموته! ... ولكن لهرج كان بعدك آتيا
وكان على قلبي لذكر محمّد ... وما خفت من بعد النّبي المكاويا
فسألته في منام رأته قبل وقعة بدر، رواه الطبراني بإسناد حسن عن مصعب بن عبد الله وغيره من قريش، وتقدّم ذلك في غزوة بدر، كانت تحت عمير بن قصيّ بن وهب بن عبد قصيّ فولدت طليبا، خلف عليها كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ، وأسلم طليب، وكان- رضي الله تعالى عنه- سببا في إسلام أمّه.

الصفحة 86