كتاب تفسير العثيمين: يس

وهو معظم في نفسه. {وَالْقُرْآنِ}، القرآن المراد هذا القرآن الذي نقرأه كلام الله عز وجل، وهو مشتق من قرأ بمعنى تلا لأنه متلو، أو من قرى بمعنى جمع؛ لأنه مجموع وجامع، فهو مشتق من المعنيين، من القراءة بمعنى التلاوة، ومن قرى بمعنى جمع، ومنه القرية لأنها مجتمع الناس، فالقرآن جامع بين المعنيين فهو متلو، وجامع ومجموع، كلمات مجموع بعضها إلى بعض، كلام جامع لكل ما فيه الخير والصلاح.
قوله: {الْحَكِيمِ} صفة للقرآن وهي بمعنى محكِم، أو بمعنى مُحْكَم، أو بمعنى حاكم كلها تحتمل، فالقرآن حاكم لأنه يجب الرجوع إليه {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬١) {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩)} (¬٢) على القول بأن القرآن مُحْكِم، لأنه متقن للأشياء {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} (¬٣) وكذلك أيضًا مُحْكَم؛ لأن الله تعالى أحكمه وأتقنه، فليس فيه تناقض ولا تعارض {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (¬٤) وهو أيضًا مشتمل على الحكمة، ففيه معنى الحكمة والحكم، وإذا كان حكيمًا فإننا نعلم أنه:
أولًا: حكيم في ترتيبه، فكل آية إلى جنب الأخري حتى وإن ظننا أنه لا ارتباط بينهما، فإنما ذلك إما لقصورنا أو
---------------
(¬١) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(¬٢) سورة الجاثية، الآية: ٢٩.
(¬٣) سورة الأنعام، الآية: ١١٥.
(¬٤) سورة النساء، الآية: ٨٢.

الصفحة 10