كتاب تفسير العثيمين: يس

لتقصيرنا، فمثلًا لو قال قائل: قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} (¬١) جاء في سياق آيات العدد فما هو الارتباط؟
نقول: إنه لابد أن هناك حكمة، لكن قصرت أفهامنا عنها، أو قصرنا في التدبر لطلبها ومراجعة كتب أهل العلم.
ثانيًا: حكيم في أحكامه، فأحكامه كلها عدل، موافقة للفطرة وللعقل الصريح، ولهذا لا تجد شيئًا من أحكام القرآن مناقضًا للفطرة أبدًا، بل هو موافق للفطرة، ولا تجد شيئًا في القرآن يكذبه العقل، أو يحيله أبدًا، بل إن العقل يقرر في الجملة ما جاء به القرآن.
ثالثًا: حكيم في أسلوبه يشتد في مواضع الشدة، ويلين في مواضع اللين، ويأتي بأساليب غريبة ما كانت معروفة في أساليب العرب، فبينما الآية سياقها خبري إذا بها تنتقل إلى سياق إنشائي من استفهام، أو نهي، أو أمر، أو ما أشبه ذلك، وكل هذا من الحكمة، بينما القرآن يتحدث بصيغة الغائب إذا به ينتقل إلى صيغة الحاضر، فينتقل من أسلوب إلى آخر، وهو ما يسمي بالالتفات، وأنواع هذا كثيرة في القرآن.
فالقرآن حكيم بكل معنى الحكمة، وبكل معنى الإحكام، وبكل معنى الحكم.
قال المؤلف -مقتصرًا على واحد منها-: [المُحْكَم بعجيب النظم، وبديع المعاني]، فأتى بمعنى واحد من معاني الحكيم،
---------------
(¬١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٨.

الصفحة 11