كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

فلما انتهى عمله وفرغ منه أمر فاتخذ طعاماً، وجمع الناس، ولم ير قط جمعاً أكثر منه، ولا طعاماً أكثر منه، ثم أمر بالقربان، فقربت لله تعالى قبل أن يطلع الناس، فجعل القربان في رحبة المسجد، وميز ثورين وأوقفهما قريبًا من الصخرة، [ثم قام على الصخرة] فقال: اللهم أنت وهبت لي هذا الملك منًّا منك، وطولاً علي وعلى والدي من قبلي، وأنت ابتدأتني وإياهم بالنعم والكرامة، وجعلته حكمًا بين عبادك، وخليفة في أرضك، وجعلتني وارثه من بعده، وخليفته في قومه، وأنت الذي خصصتني بولاية مسجدك هذا، وأكرمتني به قبل أن تخلقني، فلك الحمد على ذلك، والعز والطول، اللهم وأسألك لمن دخل هذا المسجد خمس خصال: أن لا يدخل إليه مذنب لا يعمده إلا لطلب التوبة أن تقبل منه توبته، وتتوب عليه وتغفر له، ولا يدخل إليه خائف لا يعمده إلا لطلب الأمن أن تؤمنه من خوفه، وتغفر له ذنبه، ولا يدخل إليه سقيم لم يعمده إلا لطلب الشفاء أن تشفي سقمه، وتغفر له ذنبه، ولا يدخل إليه مقحوط لم يعمده إلا لطلب الاستسقاء أن تسقي بلاده، وأن [لا] تصرف بصرك عمن دخله حتى يخرج منه، اللهم إن أجبت دعوتي، وأعطيتني مسألتي، فاجعل علامة ذلك أن تتقبل قرباني. فنزلت نارٌ من السماء فأخذت ما بين الأفقين، ثم امتدت عنقًا فأخذت القربان، فصعدت [به] إلى السماء.

الصفحة 23