كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي
مقدمة المصنف
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام (العالم الفاضل العارف) أبو المعالي المشرف بن المرجّى بن إبراهيم المقدسي -رحمه الله (وعفا عنه) -: الحمد لله الذي خلق الأرض، واختار منها مواضع رفعها، وأماكن شرفها، فسماها بيوته الكرام، ومشاعره العظام، وجعلها معقلاً لأولي النهى، ومعدناً لأئمة الهدى، وأمرنا بطهارتها، ونبهنا على زيارتها، وأذن أن ترفع، ويذكر (فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال) رجالٌ، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار، وفاوت بينها في التفضيل، وأبان لنا ذلك مفصلاً في التنزيل، فجعل منها بيتاً أسس على التقوى، وقبلة عظيمة لمن اهتدى، ومسجداً فضله بالنبي المصطفى، وقدساً عظمه بليلة الإسراء، فقال عز من قائل: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}. وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخلق أن يفضلوا شيئاً من الأماكن عليها، ونهى أن تشد الرحال إلا إليها؛ كل ذلك ليضاعف لنا الحسنات، ويمحو عنا السيئات، فله الحمد على ما أسبغ علينا من نعمه، ونسأله المزيد من فضله وكرمه، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادةً مبرأةً من النفاق، ومدخرةً ليوم التلاق، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، عبدٌ ارتضاه، ونبيٌّ اجتباه، وأرسله بالهدى ودين الحق،
الصفحة 3
552