كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

ثم إن بخت نصر سار إليها بمن معه حتى أحاط بالقرية هو وجنوده، وحصرهم سبعة أشهر حتى أكلوا أخلاءهم وشربوا أبوالهم، ثم إنهم أخرجوا أرميا -عليه السلام- عند ذلك، [حين] حصرهم بخت نصر، فقصروا شعره وكسوه، ثم قال: تشفع لهم إلى الله تعالى. فأوحى الله تعالى إليه: أليس هم الذين فعلوا بك ما فعلوا، فلن أشفع لهم، ولو شفع إلي إبراهيم عليه السلام، ولو خرج موسى -عليه السلام- من قبره ما شفعته حتى أبلغ فيهم أمري. ثم إن أرميا قال لهم: إني قد شفعت إلى ربي عز وجل فرد علي كذا وكذا. فقالوا: ما ترى؟ قال: أرى أن تفتحوا [الباب] فيهلك من يهلك، ويبقى من يبقى، خيراً من أن تهلكوا في الحصار جميعاً. ففتحوا الباب.
وكانت لبخت نصر خليفة إذا أمره بالأمر أضعفه ثلاثة أضعاف، ثم إن بخت نصر قال لأرميا: أكنت تخبرهم بهذا. قال: نعم. قال: فما أمرت به، ماذا تصنع؟ قال: أمرت أن تحكم فيهم برأيك. فخرب البيت وقتل على دم يحيى بن زكريا -عليه السلام- أربعة وعشرين ألفاً، والدم يغلي، فلما رأى ذلك خليفة بخت نصر وقتل من قتل، وقال بخت نصر: لا أزال أقتل منهم حتى يخرج الدم من القرية. فقال خليفة بخت نصر لدم يحيى: أسألك بالذي خلقك إلا سكنت بإذن الله، فقد قتل من قتل وهلكوا. وقال: وجاءوا بالمواشي فقتلت

الصفحة 33