كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

ومكث بنو إسرائيل زمانًا يطيعون الله تعالى، ثم كثر فيهم الإحداث والبدع فابتعث الله سنحاريب ملك بابل، فأقبل إليهم حتى نزل بساحتهم، فتابوا إلى الله تعالى وأنابوا، فقبل الله تعالى منهم، وسلط على عدوهم الطاعون فأصبحوا موتى، وغنمهم عسكرهم بجميع ما فيه، ولم يفلت منهم إلا سنحاريب وخمسة نفر معه، ثم أحدثوا بعد ذلك إحداثًا، ونبذوا كتاب الله تبارك وتعالى، وتنافسوا في الملك، فأمر الله تعالى شعيا أن يقوم فيهم مقامًا بوحيه، فلما فعل قتلوه، فسلط الله تعالى عليهم عدوهم فشردهم وأفناهم، وضرب عليهم الذلة والمسكنة، ونزع منهم الملك والنبوة، فليسوا في أمة من الأمم إلا وعليهم ذلٌّ وصغار، وشعيا هو الذي بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبشر بعيسى عليه السلام.
وكان كردش ملك الفرس قد أمره الله تعالى على لسان عبده أرميا -عليه السلام- أن يبني بيت المقدس، ففعل ذلك وأصعد إليها من بني إسرائيل أربعين ألفًا، وقربوا القرابين على رسومهم الأولة، ورجعت إليهم دولتهم، وعظم محلهم عند الأمم، كما كان تقدم الوعد من الله على لسان موسى عليه السلام.
ثم أخذوا في التخليط الذي كان استعمله آباؤهم، وأظهروا المعاصي، وعبدوا الأوثان، وقتلوا الأنبياء، فقال الله تعالى على لسان أرميا: إني سأحل

الصفحة 35