كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

وكان عليها ياقوتة تضيء بالليل كضوء الشمس، فإذا كان النهار طمس الله ضوءها، فلم تزل كذلك حتى أتت الروم فغلبوا عليها، فلما صارت في أيديهم قالوا: تعالوا نبني عليها أفضل من البناء الذي [كان] عليها. فبنوا عليها على قدر علوها في السماء، وزخرفوه بالذهب والفضة، فلما فرغوا من البناء دخله سبعون ألفًا من رهبانهم وشمامستهم، في أيديهم مجامر الذهب والفضة فبخروها، وأشركوا فيها، فانقلبت عليهم فما خرج منهم أحد، فلما رأى ملك الروم ذلك جمع البطارقة والشمامسة ورؤساء الروم، فقال لهم: ما ترون؟ قالوا: نرى أنا لم نرض إلهنا، فلذلك لم يقبل بناء. وقال: فأمر بها الثانية، فبنوا إليها وأضعفوا فيها النفقة، فلما فرغوا الثانية دخلها سبعون ألفًا مثل ما دخلها أولاً، وفعلوا كفعلهم، فلما أشركوا انقلبت عليهم، ولم يكن الملك معهم.
فلما رأى ذلك جمعهم ثالثة، وقال لهم: ما ترون؟ قالوا: نرى أنا لم نرض ربنا كما ينبغي فلذلك خربت، ويجب أن تبنى ثالثة، قال: فبنوا ثالثة، حتى إذا رأوا أن قد أتقنوها وفرغوا منها جمع النصارى وقال: هل ترون من العيب شيئًا؟ قالوا: لا. فكللها بصليب الذهب والفضة، ثم دخلها قوم قد اغتسلوا وتطيبوا، فلما دخلوها أشركوا كما أشرك أصحابهم، فخرت عليهم، فجمعهم

الصفحة 46