وقد جمع عندنا هذا المال كله كله، فلو قلنا له: أعطنا شطر مالك، وخذ الشطر الثاني. فقالوا له: فقال لهم: صدقتم، جئتكم وأنا شاب فردوا علي شبابي، وخذوا ما شئتم من مالي. فخصمهم ورحل.
فلما كان وقت ورود الغنم الماء، جاءوا يسقون، فإذا الآبار قد جفت، فقال بعضهم لبعض: الحقوا الشيخ الصالح، وسألوه الرجوع إلى موضعه؛ فإنه إن لم يرجع هلكنا وهلكت مواشينا. فلحقوه بالموضع الذي يعرف بالمغار. فقال: غار الماء؛ فلذلك سمي المغار، وسألوه الرجوع. فقال: لست براجع، ودفع إليهم سبع شياة من غنمه، ففعلوا ذلك فرجع الماء.
ورحل إبراهيم -عليه السلام- وترك اللجون، فأقام ما شاء الله، ثم أوحى إليه: أن انزل حبرى، وهما يريدان قوم لوط، فخرج إبراهيم -عليه السلام- ليذبح العجل، فانفلت منه، فلم يزل حتى دخل مغارة حبرون. قال: ونودي يا إبراهيم: سلم على عظام أبيك آدم -عليه السلام- وعلى جميع النبيين، فوقع ذلك في نفسه، ثم ذبح العجل فقدمه إليهم، فكان من شأنه ما قص الله في كتابه العزيز.
مضى معهم إلى أن قرب من ديار قوم لوط، فقالوا له: اقعد هاهنا. فقعد، فسمع صوت الديكة في السماء، قال: هذا هو الحق اليقين، فأيقن بهلاك القوم، فسمي ذلك الموضع مسجد اليقين. ثم رجع فطلب من عقرون المغارة، فاشتراها منه بأربعمائة درهم، كل درهم منها وزنه خمسة دراهم، كل