كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

ملكهم رابعة واستشارهم، وكثر خوضهم في ذلك، فبينا هم على ذلك إذ أقبل إليهم شيخٌ كبير، عليه برنس أسود وعمامة سوداء، قد ملأ ظهره منطقة، متوكئ على عصاه، قد أفحى، فقال: يا معشر النصارى إلي، فإني أكبركم سنًّا، وأنا أتيتكم، وخرجت من متعبدي لأخبركم أن هذا مكان قد لعن، ولعن أصحابه، وأن القدس قد نزع وتحول إلى هذا الموضع، وأشار بيده إلى الموضع الذي [بنوا] فيه كنيسة القيامة، وأنا أريكم الموضع، ولستم تروني بعد هذا اليوم أبداً، اقبلوا مني ما أقول لكم. فغرهم وزادهم طغياناً، وأمرهم أن يقلعوا الصخرة، ويبنوا بحجارتها الموضع الذي أراهم، فبينا هو يكلمهم ويقول لهم ذلك إذ خفي فلم يعاينوه، وازدادوا كفراً، وقالوا فيه قولاً عظيماً، فارتفعت القبة بالياقوتة، ووضعوا أيديهم فيها فقطعوها، وخربوا المسجد، وحملوا العمد وما كان فيه من أبنية وغير ذلك، فبنوا به كنيستهم والكنيسة التي في واد جهنم، وقال لهم فيما يقول: إذا فرغتم من هذه فأخربوه، واتخذوه مزبلة لعذراتكم. ففعلوا ذلك، حتى كانت المرأة تطرح حيضها عليه من القسطنطينية، تبعث [به] فيطرح عليها، فمكث كذلك

الصفحة 47