كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

ابن جابر يقول: خرجت سنة من السنين أنا وابن المرجى، وجماعة من أهل العلم والورع إلى مسجد إبراهيم، وهو في بدالى زيتون، وكان لهم إمام يكنى، أبا حامد أصفر، فقال لنا: رأيت في ليلة النصف من شعبان، وقد ركعت وقعدت عند المنبر فنعست، فرأيت فيما يرى النائم، كأن آتيًا أتاني، فقال: تحب أن تنظر إلى القوم. وقد كنت أسأل الله أربعين سنة أن يرينهم، فقلت: نعم. فأخذ بيدي إلى مؤخر الحيز قريباً من قبر يعقوب، فقطع بلاطة، فإذا هو قد أضاء مثل النهار، فدخل ودخلت معه، وإذا القبور صف واحد، الرجال صف، والنساء كما هم، فوق كل واحد منهم غطاء أبيض، فرفع غطاء قبر يعقوب، فإذا هو كهل من الرجال، كبير اللحية، ملقى على قفاه مستقبل القبلة، فقال: هذا قبر يعقوب، ثم رد عليه الغطاء، ومضى، حتى أتى قبر إبراهيم -عليه السلام- في الوسط، وعليه غطاء أبيض، فرفعه، فإذا هو شيخ أبيض اللحية والحاجبين، أبيض الرأس، كأن وجهه القمر، وهو مستقبل القبلة، فقال: هذا إبراهيم، ثم رد عليه الغطاء، ومضى ومضيت معه، يريد قبر إسحاق، فقلت في نفسي: ليت فلانًا معي، حتى يراهم كما رأيتهم، لرجل من القرية، فالتفت إلي الرجل وهو أمامي، فقال: إن فلانًا لا يقدر أن ينظر إلى هؤلاء؛ لأنه رجل مشاحن، والمشاحن لا يرى هؤلاء. ثم انتبهت ولم أبلغ قبر إسحاق، واغتممت لأني لم أر إسحاق عليه السلام.
قال علي بن جعفر الرازي: وحكى لي هذه الحكاية عن أبي حامد أبو محمد ابن المعتصم، وجماعة من أهل السير، على نحو ما حكاه أبو بكر.
أخبرنا أبو الفرج، قال: أنا عيسى، قال: أنا علي، قال: سمعت أبا الحسن عبد الواحد بن زريق الرازي يقول: قدم أبو زرعة القاضي إلى مسجد الخليل عليه السلام، فجئنا لننظر ليله، فرأيته وقد قعد عند قبر سارة في وقت الصلاة، فدخل شيخ فدعا، فقال: يا شيخ، أيما هو قبر إبراهيم؟ فأومأ إلى قبر إبراهيم ومضى، فجاء شاب فدعاه، فقال: يا شاب، أيما هو قبر إبراهيم؟

الصفحة 477