كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

أخبرنا أبو الفرج، قال: أنا عيسى، قال: أنا علي، قال: أنا بنان بن أحمد الزاهد بمصر، قال: ثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه: أن يعقوب -عليه السلام- مر به ذئب، فقال: يا كلب الله، أكلت ثمرة فؤادي، وقرة عيني يوسف. فقال له: ما أكلته. فعجب يعقوب من كلامه، فقال له: من أين أنت؟ قال: من أرض مصر. قال: وإلى أين تريد؟ قال: جرجان. قال: وما تريد بذلك؟ قال: سمعت الأنبياء قبلك يقولون: من زار أخًا له في الله، ووصل رحمه، كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة، ومحى عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة. فقال يعقوب لأولاده: اكتبوا هذا الحديث من الذئب. فأبى الذئب أن يملي عليهم، فقال له يعقوب: لم لا تملي عليهم؟ قال: إني نهيت أن أكلم العصاة.
أخبرنا أبو الفرج، قال: أنا عيسى، قال: أنا علي، قال: ثنا أحمد بن محمد بن الليث الأنصاري، قال: ثنا الحسن بن علوية، قال: ثنا إسماعيل بن عيسى، قال: ثنا إسحاق بن يونس، عن يحيى بن العلاء، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: لما ارتحل يعقوب إلى يوسف، وقدم بأهله وولده، وشارف أرض مصر، وبلغ ذلك يوسف، استأذن فرعون مصر، واسمه الريان بن مصعب، أن يأذن له في أن يلقى يعقوب، وأخبره بقدومه، فأذن له في تلقاء يعقوب، وأمر الملأ من أصحابه بالركوب معه، فلما نظر إلى يعقوب، قيل له: هذا أبوك يعقوب. فنزل يوسف، وقيل ليعقوب: هذا يوسف، قد أقبل إليك. فوقف له، فنزل ومشى إليه يوسف حتى عانقه، وقبل يعقوب جبهته وخديه، وبكى، وبكى معه يوسف، فبكى يعقوب فرحًا، وبكى يوسف مما رأى بأبيه من الحزن -قال ابن عباس: البكاء من أربع: بكاء من الخوف، وبكاء من الجزع، وبكاء من الفرح، وبكاء من الرياء- ثم قال: الحمد لله الذي أفرحني بعد الغموم والأحزان. ثم دخل معه على فرعون، فإذا

الصفحة 486