كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

النبي صلى الله عليه وسلم: ((لك ذلك، سل)). قال: ورحلها. قال: ((لك ذلك))، ثم قال: ((سل)). قال: والزاد. قال: ((لك ذلك)). قال: فعجبنا من ذلك، فقال: ((أعط الأعرابي ما سأل)). قال: فأعطي، ثم قال النبي -عليه السلام-: ((كم بين مسألة هذا الأعرابي وعجوز بني إسرائيل؟ قال: إنه موسى لما أمر أن يقطع البحر، فانتهى إلى موضع ضرب وجه الدواب فرجعت، فقال موسى: ما لي يا رب؟ قال: إنك عند قبر يوسف -عليه السلام- فاحمل عظامه معك. قال: وقد استوى القبر بالأرض، قال: فجعل موسى لا يدري أين هو، فسأل موسى: هل يدري أحد منكم أين هو؟ قال: لا نعلم أحدًا يدري أين هو إلا عجوز بني فلان، فلعلها تعلم أين هو. فأرسل إليها موسى، فانتهى إليها الرسول، قالت: ما لكم. قال: انطلقي إلى موسى. فلما أتته قال: هل تعلمين أين قبر يوسف؟ قالت: نعم. قال: فدلينا عليه، قالت: لا حتى تعطيني ما أسألك. قال لها: لك ذلك. قالت: فإني أسألك أن أكون معك في الدرجة التي تكون فيها في الجنة. قال: سليني الجنة. قالت: لا والله إلا أن أكون معك. قال: فجعل موسى يرادها، فأوحى الله تعالى: أن أعطها ذلك، فإنه لا ينقصك شيئًا، فأعطاها، فدلته على القبر، فأخرجوا العظام، وجاوزوا البحر)).
أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الغساني، بقراءتي عليه، قال: أنا أبو الطاهر محمد بن سليمان بن ذكوان المنقري، قال: ثنا أحمد بن محمد بن يحيى الحضرمي، قال: ثنا أبو مسهر، قال: ثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: لما حضرت يوسف الوفاة قال: يا إخوتاه، إني لم أنتصر من أحد في الدنيا، وإني كنت أحب أن أظهر الحسنة، وأخفي السيئة، فذلك زادي في الدنيا، يا إخوتاه، إني شاركت آبائي في أعمالهم، فأشركوني معهم في قبورهم.

الصفحة 489