كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

الله على نفسي، وعلى ما يقربني من مرضات ربي، فإذا أتاك كتابي هذا فابعث إلى عملك من هو أرغب فيه مني، فليعمل عليه لك ما بدا لك، فإني قادم عليك وشيكًا إن شاء الله، والسلام عليك.
فلما وصل كتابه إلى أبي عبيدة قال: أشهد ليفعلنها. فقال ليزيد بن أبي سفيان: اكفني دمشق. فوجهه إليها، فسار يزيد إليها فوليها.
قال: وحصر أبو عبيدة أهل إيلياء، ورأوا أنه غير مقلع عنهم، ظنوا أنه لا طاقة لهم بحربه، قالوا [له]: نحن نصالحك. قال: فإني أقبل منكم الصلح. قالوا: فأرسل إلى خليفتكم عمر، فيكون هو الذي يعطينا هذا العهد، وهو يصالحنا، ويكتب لنا الأمان. ففعل ذلك أبو عبيدة وهم بالكتاب، وكان أبو عبيدة قد بعث معاذاً على الأردن، وكان معاذ لا يكاد يفارق أبا عبيدة؛ لرغبته في الجهاد في سبيل الله، وكان أبو عبيدة لا يكاد يقطع رأياً دون معاذ، فأرسل إلى معاذ، فلما قدم عليه أخبره بما سألوه القوم، فقال له معاذ: تكتب إلى أمير المؤمنين وتسأله القدوم عليك، فلعله أن يقدم عليك ويأبى هؤلاء الصلح، فيكون مسيره عناءً وفضلاً، فلا تكتب إليه حتى يوثق لك هؤلاء، ونستحلفهم بأيمانهم المغلظة لئن أنت سألت أمير المؤمنين عمر القدوم عليهم، وكتبت إليه بذلك، فقدم عليهم فأعطاهم الأمان، وكتب لهم كتاباً على الصلح، ليقبلن ذلك وتصالحوا عليه. فأخذ أبو عبيدة عليهم الأيمان المغلظة، فحلفوا

الصفحة 58