كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

بأيمانهم لئن قدم عمر أمير المؤمنين عليهم، ونزل بهم، فأعطاهم الأمان على أنفسهم وأموالهم، فكتب لهم على ذلك كتابًا، ليقبلن ذلك، وليؤدن الجزية، وليدخلن فيما دخل فيه أهل الإسلام.
فلما فعلوا ذلك كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى أمير المؤمنين: بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبي عبيدة بن الجراح، سلامٌ عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإنا أقمنا على إيلياء، وظنوا أن في المطاولة لهم فرجًا ورجاءً، فلم يزدهم الله تعالى بها إلا ضيقًا ونقصًا وهولاً، وذلاً، فلما رأوا ذلك سألونا أن نعطيهم ما كانوا ممتنعين [منه] قبل ذلك، وله كارهين، وأنهم سألونا الصلح على أن يقدم أمير المؤمنين، فيكون هو المؤمن لهم، والكاتب لهم كتابهم، وإنا خشينا أن يقدم أمير المؤمنين (ثم يغدر القوم) ويرجعون، فيكون مسيرك -أصلحك الله- عناءً وفضلاً، فأخذنا عليهم المواثيق المغلظة بأيمانهم، لئن أنت قدمت عليهم فأمنتهم على أنفسهم وأموالهم ليقبلن ذلك، وليؤدن الجزية، وليدخلن فيما دخل فيه أهل الذمة، ففعلوا وأخذنا عليهم الأيمان بذلك، فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تقدم علينا فافعل، فإن في مسيرك أجرًا وفضلاً وصلاحًا وعافية للمسلمين، أتاك الله رشدك ويسر أمرك، والسلام.
فلما أتى عمر كتابه جمع رءوس المسلمين إليه، فقرأ عليهم واستشارهم، فقال له عثمان -رضي الله عنه-: أصلح الله أمير المؤمنين، إن الله تعالى قد أذلهم وحصرهم وضيق [عليهم]، وأراهم ما صنع بجموعهم وملوكهم، وقتل

الصفحة 59