كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

صناديهم، وفتح على المسلمين من بلادهم، فهم كل يوم يزدادون نقصًا وضيقًا ورغمًا، فإن أقمت ولم تسر إليهم علموا أنك بأمرهم مستخف، ولشأنهم محتقر، فلم يلبثوا إلا يسيرًا حتى ينزلوا على الحكم، ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وإلا حاصرهم المسلمون وضيقوا عليهم حتى يعطوا بأيديهم. فقال عمر: ما ترون، هل عند أحد منكم غير هذا الرأي؟ فقال عليٌّ: يا أمير المؤمنين عندي غير هذا الرأي. قال: ما هو؟ قال: إنهم قد سألوك، والمنزلة التي لهم فيها الذل والصغار، وهي على المسلمين فتح، ولهم غمٌّ وهمٌّ، وليس بينك وبين ذلك إلا أن تقدم عليهم، فلك في القدوم عليهم الأجر، في كل ظمأ ومخمصة، وفي قطع كل وادٍ، وكل فجٍّ وشعبٍ، وكل نفقة تنفقها حتى تقدم عليهم، فإذا قدمت كان في قدومك الأمن والعافية والصلح والفتح، ولست آمن لو أنهم يئسوا من قبولك الصلح، ومن قدومك عليهم، أن يتمسكوا بحصنهم، ولعلهم أن يأتيهم من عدونا منهم مددٌ، فيدخلون معهم في حصنهم، فيدخل على المسلمين من حربهم بلاء ومشقة، ويطول بهم الحصار، فيصيب المسلمين منهم من الجوع والجهد نحو ما يصيبهم، ولعل المسلمين يدنون من حصنهم فيرمونهم بالنشاب، ويقذفونهم بالحجارة، فإن قتلوا أحدًا من المسلمين تمنيتم أنكم افتديتم قتل رجل من المسلمين بمسيركم إلى مقطع التراب، ولكان المسلم بذلك من إخوانه أهلاً. فقال عمر: قد أحسن عثمان في مكيدة العدو، وقد أحسن عليٌّ في النظر

الصفحة 60