كتاب فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

لأهل الإسلام، ثم قال: سيروا على اسم الله، فإني معسكر وسائر. وخرج معه أشراف الناس وبيوتات العرب والمهاجرون والأنصار، وخرج عمر ومعه العباس بن عبد المطلب.
وخرج أبو عبيدة بالناس أجمعين للقاء أمير المؤمنين لما بلغهم قدومه، وأتوا عمر ببرذون ليركبه، فأقبل عمر على جمل له وعليه رحله، وصفه من جلد كبش حولي، فانتهى إلى مخاضة فأقبلوا يبتدرونه، فقال: للمسلمين مكانكم، ثم نزل عمر عن بعيره، وأخذ بزمام جمله، وزمامه من ليف، ثم دخل الماء بين يدي جمله، حتى جاز الماء إلى أصحاب أبي عبيدة، وإذا معهم برذون يجنبونه، فقالوا: اركب هذا البرذون يا أمير المؤمنين؛ فإنه أجمل بك، وأهون عليك في ركوبك، ولا نحب أن يراك أهل الذمة في مثل هذه الهيئة التي نراك فيها. واستقبلوه بثياب بيض، فنزل عمر عن جمله وركب البرذون، وترك الثياب، فلما هملج به نزل عنه، وقال: خذوا هذا مني؛ فإن فيه شيطان، وأخاف أن يغير على قلبي. فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو لبست هذه الثياب، لكان أجمل وأعز. فقال: ويلكم لا تعتزوا بغير ما أعزكم الله به فتذلوا. ثم مضى ومضى الناس معه حتى أتى إيلياء فنزل بها، وقال لهم: والله لا أدع الهيئة التي فارقت عليها صاحبي، ولا أتزين للناس بما أخاف أن يشينني عند ربي، ولا أريد أن يعظم أمري عند الناس ويصغر عند الله.
فلما نزل عمر بإيلياء واطمأن الناس، بعث أبو عبيدة إلى أهل إيلياء: أن انزلوا إلى أمير المؤمنين فاستوثقوا لأنفسكم، فنزل إليه أبو الجعبة في ناس قليل من عظمائهم، فكتب لهم عمر كتاب الأمان والصلح، فلما قبضوا كتابهم وأمنوا

الصفحة 61