كتاب ترتيب العلوم للمرعشي

وأعني بإمكان المراجعة إليهم- القدرة الميسرة-، إذ معنى كون الشيء فوض كفاية، دفع الحرج عن الناس بحسب المعاش أو المعاد، وفي مراجعة من في أقصى بلاد المشرق إلى من في أقصى بلاد المغرب حرج عظيم.
فالظاهر أن يفترض كفاية وجود حفاظ يبلغ عددهم حد التواتر في أقطار بحيث يتيسر المراجعة إليهم من كل بلد من بلاد الإسلام.
قوله: كل القرآن، معناه جميع القراءات الصحيحة، ولا يكفي حفظ رواية راو واحد أو قراءة شيخ واحد، كما يشير إليه قول الجعبري: نقل القراءات السبع فرض كفاية لأنها أبعاض القرآن، انتهى.
ثم إن في اشتراط الحفظ هنا نظر، يكفي تصحيح قوم منهم يبلغ عددهم حد التواتر مصاحفهم على حفاظ لا يشكون في صحة حفظهم، أو على مصاحف لا يشكون في استقامتها، وكونهم بحيث يقدرون على طلب ما يحتاج إليه من الآيات قياسا على ما قلها الغزالي في اقتصاد الحديث، كما نقلناه.
قوله: وتعليمها فرض كفاية، لا يختص بالقرآن، بل جميع فروض الكفايات من العلوم تعليمها فرض كفاية، وذلك ظاهر.
وأما ما كان علمه فرض عين، فتعليمه فرض كفاية بالطريق الأولى.

الفصل "السابع عشر": (واجب العين وواجب الكفاية)
وكما يكون بعض العلوم واجب عين، وهو "علم" ما يقع في حال المرء من الواجبات والمكروهات التحريمية، كذلك يكون بعضها واجب كفاية،

الصفحة 108