كتاب بناء المجتمع الإسلامي

الفكر الاجتماعي الإسلامي
مدخل
...
الفكر الاجتماعي الإسلامي:
تتضمن الشريعة الإسلامية التي تؤسس على كتاب الله الكريم وما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أقوى المبادئ، والأسس التي تنظم العلاقات الاجتماعية بين الناس بعضهم ببعض، وبينهم وبين خالقهم سبحانه. ولعل القيمة الكبرى للتنظيم الإسلامي أنه لا يقتصر على التنظيم القانوني الخارجي وتوجيه السلوك الخارجي للإنسان، لكنه يمتد لتنظيم بناء الإنسان الداخلي، وتوجيه السلوك الخارجي للإنسان، ولكنه يمند لتنظيم بناء الإنسان الداخلي -الدافعي والقيمي والمعياري- فالإيمان هو ما وقر في القلب -داخلي- وصدقه العمل -خارجي- ويقرن القرآن الكريم دائمًا الإيمان بالعمل:
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر] . ويقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 9-10] .
وتقوى الله هي الأساس الأول في ضبط علاقات الإنسان داخل مختلف الجماعات الاجتماعية التي ينتمي إليها الإنسان، مثل جماعة الأسرة وجماعة العمل وجماعة الأصدقاء داخل المجتمعين المحلي والعام. كذلك فإن التقوى تضبط علاقة الإنسان بخالقه وتضبط سلوكه وتجعله فاعلًا ملتزمًا من الداخل، وليس مجرد رد فعل Reaction للمثيرات الخارجية فحسب، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] . وقال تعالى: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} [الأحزاب: 70] وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرا} [الطلاق: 4] . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل، كانت في النساء"، رواه مسلم. وعن ابن مسعود رضي

الصفحة 30