كتاب بناء المجتمع الإسلامي
{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات} [البقرة: 148] .
ومن خصائص الشخصية الإسلامية الجهاد، قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِه} [الحج: 78] . والمؤمن مقتصد في الطاعة، فمن رحمة الله بعباده أن رفع المشقة عنهم {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:1-2] . وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} [البقرة: 185] . والمؤمن متعاون مع غيره فيما يحقق الصالح العام وليس في الشر والانحراف، يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] . ويقول تعالى: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر] . والمؤمن يصدق النصيحة لغيره، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة} [الحجرات: 10] . والمؤمن الحق يستر عورة أخيه، يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور: 19] . وقال عليه السلام: "لا يستر عبد عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة" رواه مسلم.
والمسلم يسعى إلى قضاء حوائج إخوانه المسلمين، يقول تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [الحج: 77] . ويقول عليه السلام: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة" متفق عليه. والمؤمن يسعى بالصلح بين الناس، يقول تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] .
وأكتفي بهذه الخصائص الأساسية التي يتسم بها المسلم في أخلاقه وسلوكه وعلاقاته بالآخرين، يتضح منها كيف أنها قادرة على إقامة مجتمع فاضل -ليس بالمعنى الطوبائي الذي تحدث عنه أفلاطون وكمبانلا وتوماس مور- وإنما بالمعنى الإسلامي الواقعي الذي تحقق في أرض الواقع وكان
الصفحة 40
348