وللحديث ((إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)) (¬1).
وأما ما حصل لأبي طالب فإنها خصوصية ورجا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا اقر الشهادتين ولو كان في تلك الحالة انه ينفعه بخصوصه وتسوغ شفاعته له لمكانة أبي طالب عنده ولهذا قال ((أجادل لك بها واشفع لك)) (¬2).
الوقفة الثالثة:- قد يعترض بامتناع نفع الشفاعة لمن مات كافراً بقوله تعالى: ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) (¬3)، فما وجه النفع بقوله "لعله تنفعه شفاعتي"؟ أجاب الإمام القرطبي: ((إن شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لعمه لا تنفع في الخروج من النار كعصاة الموحدين الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة)) (¬4).
أي أن الآية تعني المنفعة المراد منها الاخراج من النار، بمعنى: فما تنفعهم شفاعة الشافعين في ان يخرجوا من جهنم. واما الحديث فمضمونه يختلف، فانه يعني شفاعة التخفيف لا الاخراج. (¬5)
وأجاب إبن حجر: ((بانه خص ولذلك عدوه من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -)) (¬6)، وقول الحافظ هذا هو الأولى -والله اعلم-.
المسألة الثانية: شفاعة بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:-
إن الأنبياء عليهم السلام يشفعون كما يشفع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وان كانوا لا يملكون بعض أنواع الشفاعة مما خصّ به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬7).
ولكن من حيث اصل الشفاعة فهم يشفعون كما ثبت ذلك بصريح الأحاديث الصحيحة. فقد أخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - رضي الله عنه -: (( ... شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبقَ إلا ارحم الراحمين ... )) (¬8).
¬_________
(¬1) الحديث عن إبن عمر - رضي الله عنهما، انظر تخريجه في المسند الجامع 10/ (8101).
(¬2) انظر فتح الباري، إبن حجر 8/ 650.
(¬3) المدثر/48.
(¬4) التذكرة 1/ 286، وانظر فتح الباري 11/ 526.
(¬5) انظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 3/ 1339.
(¬6) فتح الباري 11/ 526، انظر عمدة القاري، العيني 23/ 126.
(¬7) انظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى3/ 1331.
(¬8) انظر تخريجه برقم (14).