وقد حضيت هذه الامة المحمدية بدعوة ابيها ابراهيم يوم ان قال: ((ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم)) (¬1).
فاستجاب له الله جل جلاله، وبعث فيهم محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً يتلو آيات ربه ليزكي هذه الامة: ((كما ارسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون)) (¬2).
فقدم التزكية على التعليم لتبشيرهذه الأمة بأنها أشرف الأمم وهي مزكاة من قبل ربها ما دامت متمسكة بالعروة الوثقى.
المسألة الأولى:- أمة محمد من هم؟
ونحن بصدد الحديث عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يتعين علينا تعريف "أمة محمد". أيشمل أمة الدعوة كافة؟ ام الاجاب خاصة؟ وما هي صفات هذه الأمة؟ فنقول "ان المقصود من لفظ أمة - صلى الله عليه وسلم - محمد أذا أطلقت هو أمة الاجابة أي الأمة التي اجابت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقط وليس المقصود منها كل افراد الأمة مؤمنهم وكافرهم "أمة الدعوة" (¬3).
وهذه الأمة "أمة الاجابة" تشمل كل من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حال حياته أو بعد موته إلى يوم القيامة (¬4).
والذي يبدو لي من خلال النصوص أن شروط الانتماء إلى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، الأمة الناجية من عذاب الله يوم القيامة على قسمين:-
أولاً:- شروط الفرقة التي لا تمسها النار كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذه الأمة مرحومة عذابها بايديها. ... .)) (¬5)، فهذه الأمة هي الأمة المتقية ولا يكون افرادها إلا من أهل التقوى والعمل الصالح، الذين وصفهم الله تعالى: بقوله: ((كنتم خير أمة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) (¬6).
¬_________
(¬1) البقرة /129.
(¬2) البقرة/151.
(¬3) انظر تفسير القرآن العظيم، ابن كثير 1/ 370.
(¬4) انظر تفسير القرآن العظيم، سبق.
(¬5) انظر تخريجه برقم (115).
(¬6) آل عمران/110، وانظر مجموع الفناوي، ابن تيمية 3/ 158.