كتاب الشفاعة في الحديث النبوي

وعلى هذا التقدير تصير الاية دالة على اثبات الشفاعة في حق الفساق}. (¬1)
ومنها قوله تعالى: ((وما نرى من شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء ... )). (¬2) وقوله عز وجل: ((فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا انفسهم ... )) (¬3).
وقوله ((فما لنا من شافعين)). (¬4) فهؤلاء لا شفاعة لهم، ولا ينفعهم شفيع لانهم ليسوا من اهل العهد. (¬5)
فهم مشركون بالله، يقول تعالى ((ولم يكن لهم من شركائهم من شفعاء ... )). (¬6) ويقول تعالى ((ام اتخذوا من دون الله شفعاء قل اولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون)). (¬7) فالشفاعة كلها بيد الله تعالى والامر كله بيده، وليس لشركائهم من الامر شيئاً. يقول تعالى ((أن يردني الرحمن بضرٍ لا تغني عني شفاعتهم شيئاً)). (¬8) فالكافر، الظالم لنفسه ليس له حميم ولا شفيع: يقول الله تعالى ((ما الظالمين من حميم ولا شفيع يطاع)). (¬9) فالكافر لا يشفع له أحد مهما علتْ رتبته ورقى منزله، سوى النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا شفع لعمه أبي طالب وهي خاصية من خصائصه. (¬10) فالكفار ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) (¬11). يقول الزمخشري: ((أي لو شفع لهم الشافعون جميعاً من الملائكة والنبيين وغيرهم لم تنفعهم شفاعتهم لان الشفاعة لمن ارتضاه الله وهم مسخوط عليهم، وفيه دليل على انّ الشفاعة تنفع يومئذ ... )). (¬12) واحتج الرازي بالاية على ثبوت الشفاعة للفساق فقال: ((واحتج اصحإبنا على ثبوت الشفاعة للفساق بمدلول هذه الاية وقالوا: أن تخصيص هؤلاء بانهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين يدل على انّ غيرهم تنفعهم شفاعة الشافعين)). (¬13)
¬_________
(¬1) التفسير الكبير، 6/ 207.
(¬2) الانعام /94.
(¬3) الاعراف/53.
(¬4) الشعراء/100.
(¬5) انظر صفحة 37 من بحثنا هذا.
(¬6) الروم /13.
(¬7) الزمر/43.
(¬8) يس/23.
(¬9) غافر/18.
(¬10) انظر صفحة 76 من بحثنا.
(¬11) المدثر /14.
(¬12) الكشاف 4/ 655.
(¬13) التفسير الكبير 3/ 211.

الصفحة 28