مما لم تقم الحجة بها لطعن طاعن فيها بدفع العقل والسمع لها على ما يقوله المعتزلة، ولكانت الصحابة اعلم بذلك واشد تسرعا إلى انكارها، ولو كانوا قد فعلوا ذلك -أو بعضهم- لظهر ذلك وأنتشر، ولتوفرت دواعي على اذاعته، وابدائه، حتى ينقل، لأن هذه العادة ثابتة في الاخبار، وفي العلم بفساد ذلك دليل على ثبوت خبر الشفاعة)) (¬1).
وصح عن أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً ((أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أنه من مات من امتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت وان زنى وأن سرق؟ قال وأن زنى وأن سرق)). (¬2)
فهو يشهد لحديث انس - الماضي - وسنبين ذلك مفصلا في شفاعة كلمة التوحيد. (¬3)
الوجه الثاني:-هذه الشفاعة لا تتقاطع مع النصوص القطعية بتخليد أهل النار فألاية ((وأتقوا يوماً لا تجزى نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل من شفاعة)) (¬4)، والآية ((ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع)) (¬5) وغيرها تتعلق بالكفار لا بالعصاة، يقول إبن حزم -رحمه الله-: ((فالشفاعة التي ابطلها الله- عز وجل- هي الشفاعة للكفار الذين هم مخلدون في النار)) (¬6)،أو قد يكون النفي منتقضاً بالشروط كالرضى، والاذن والعهد (¬7) كقوله تعالى ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ الا باذنه)) (¬8) وغيرها.
الوجه الثالث:-
أما قولهم: أن الشفاعة خاصة بالمحسنين من الامة (¬9)، وأستدلوا بقوله تعالى ((لا
¬_________
(¬1) التمهيد، الباقلاني 367 - 368.
(¬2) أنظر تخريجه برقم (106).
(¬3) انظر صفحة 88 من هذا البحث.
(¬4) البقرة /48.
(¬5) غافر /18.
(¬6) الفصل 3/ 234 وأنظر حاشية الخلخالي على شرح الدواني على العقائد العضدية 2/ 270 - 271.
(¬7) انظر صفحة 34 من البحث.
(¬8) البقرة /255.
(¬9) أنظر الاصول الخمسة، القاضي عبد الجبار 689، والفصل، إبن حزم 4/ 64 ومشارق انوار العقول، السالمي 2/ 132، والعقيدة الاسلامية، محمد عياش ص305.