كتاب الشفاعة في الحديث النبوي

المبحث الرابع
أقسام الشفاعة
تنقسم الشفاعة باعتبار زمانها إلى قسمين:-
القسم الأول: شفاعة الدنيا، والقسم الثاني:- شفاعة الاخرة.
فشفاعة الدنيا هي مجموع ما صَحَّ من الاحاديث النبوية بخصوص شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته في الدنيا، كأستقسائه، ودعائه لهم، ومن طلبه للمغفرة والنصر والتوسل به حال حياته، كدعاء الأعمى (¬1) وغيرها من الاثار. وكذا ما وروي من شفاعات بعض المسلمين لبعض، كقوله - صلى الله عليه وسلم - (إشفعوا الي فلتأجروا ولَيقضِ الله على لسان نبيه ما كان)) (¬2) وغيرها. وهذه الشفاعة لم ينكرها احد من اهل القبلة. (¬3)
ولما كانت تلك الشفاعة - الدنيوية- تحتاج إلى بحث طويل فقد آثرت أن أقتصر في بحثي هذا على القسم الثاني ((الشفاعة الاخروية)) عسى الله أن يمكنني من الكتابة فيها في بحثٍ قادم -بعون الله تعالى- أو أنْ ييسر له باحثاً آخر.
وأما الشفاعة الاخروية فهي غير محددة الزمان فهي تمتد من وفاة المسلم وحتى بعد دخوله الجنة، أو النار- أعاذنا الله منها-، وبعبارة اخرى: تمتد من وفاة الانسان والصلاة عليه وحتى شفاعة الشافعين في رفع الدرجات في الجنة أو إخراج أهل النار من النار.
وتنقسم الشفاعة الآخروية إلى قسمين:-
أولا:- الشفاعة المنفية:- وهي التي نفاها القرآن الكريم مطلقاً كقوله تعالى ((من قبل أن ياتي يوم لابيعُ فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون)) (¬4)
¬_________
(¬1) وهو الصحأبي الجليل عثمان بن مضعون حينما دعا وتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، انظر مضان الحديث في المسند الجامع 12/ (9628) و (9629).
(¬2) الحديث صحيح أخرجه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري، في الزكاة (1432)، مظانه في المسند الجامع11/ (8824).
(¬3) انظر التوسل والوسيلة، إبن تيمية ص11.
(¬4) البقرة /254، وانظر الحسنة والسيئة، إبن تيمية ص 98.

الصفحة 39