كتاب الشفاعة في الحديث النبوي

وقد نفاه القرآن الكريم رداً على المشركين ومن ضاهاهم من جُهّال هذه الأمة (¬1). فالآية تخبرهم أنْ ليس للذين آشركوا بالله من قريب منهم ولا أخٍ، ولا ابٍ، ولا صديق ينفعهم، ولا شفيع يُشَفّعُ فيهم، بل تقطعت بهم الأسباب من كل خير (¬2). وهذه الشفاعة المردودة (لا يريدها لا الشافع ولا المشفوع له ولا المشفوع إليه، ولو علم الشافع والمشفوع له أنهّا ترد لم يفعلوها) (¬3).
ثانيا:- الشفاعة المثبتة:- وهي المقبولة، التي يشفع بها لأهل التوحيد، وهي مُعلقة بشرطين:- هما (الأذن، والرضى) (¬4).
والايات جاءت تترا تقرر هذين الشرطين فمنها قوله تعالى: ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُإلا باذنه ... )) (¬5)، وقوله ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة إلا مِنْ أذن له الرحمن ورضي له قولاً)) (¬6). يقول إبن الالوسي: ((والشفاعة المثبتة ما تكون بعد الأذن يوم القيامة ولا تكون الشفاعة إلا لمن ارتضى فهذه الشفاعة من التوحيد ومستحقها أهل التوحيد، فمن كان موحداً مخلصاً قطع رجاءه عن غير الله تعالى، ولم يجعل له ولياً ولا شفيعاً من دون الله سبحانه)). (¬7)
وهذه الشفاعة متفق عليها عند أهل الحق من المسلمين، وقد انكرت بعض انواعها بعض الفرق المبتدعة كالخوارج والمعتزلة (¬8)، وقد مر الكلام فيها، وسيأتي الكلام على شروط الشفاعة لاحقا.
¬_________
(¬1) انظر جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، إبن الآلوسي ص 475، والعقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني، ص 662.
(¬2) انظر تفسير القرآن العظيم، إبن كثير 4/ 77، واصول الدين الاسلامي لرشدي عليان، وقحطان الدوري ص383.
(¬3) الحسنة والسيئة، إبن تيمية 103.
(¬4) انظر الحسنة والسيئة، إبن تيمية ص 10 3، وأصول الدين الاسلامي، رشدي عليان، وقحطان الدوري ص 383.
(¬5) البقرة / 255.
(¬6) طه / 109.
(¬7) جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، إبن الآلوسي ص 445، وانظر العقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني ص662.
(¬8) انظر العقائد النسفية، التفتازاني ص 118و 125، وشرح الطحاوية، إبن أبي العز تحقيق الأرنؤوط 1/ 288 - 289.

الصفحة 40