كتاب الشفاعة في الحديث النبوي

فالسحر لا يضر إِلا بإذن الله -أي بمشيئة الله-.
والنوع الثاني الاذن بمعنى الإباحة والإجازة. ومثاله قوله تعالى ((انا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً)) (¬1) وقوله ((وما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على اصولها فبأذن الله)) (¬2) فان هذا يتضمن اباحته لذلك واجازته تعالى له ورفع الجناح والحرج عن فاعله مع كونه بمشيئته وقضائه. (¬3)
((فالشفاعة مرهونة باذن الله والله لا يأذن في الشفاعة في غير المؤمنين به المستحقين لرحمته. فاما الذين يشركون به فليسوا اهلا لأن ياذن بالشفاعة فيهم لا للملائكة ولا غيرهم من المأذونين بالشفاعة منذ الابتداء)) (¬4).
الشرط الثاني: الرضى:-
يقول تعالى ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولاً)) (¬5) ويتعلق هذا الشرط بالشافع، وهو أن يكون العبد الشافع مرضياً عنه، يقول إبن تيميه في تفسير الآية ((أن الله يشفع المؤمنين بعضهم لبعض)) (¬6) ويقول الطبري في تفسير قوله تعالى: ((وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)) (¬7)، أي ((لاتنفع شفاعتهم عند الله لمن شفعوا له شيئاً الا أن يشفعوا له من بعد أن يأذن الله لهم بالشفاعة لمن يشاء منهم أن يشفعوا له ويرضى، يقول: ومن بعد أن يرضى لملائكته الذين يشفعون له أن يشفعوا له، فتنفعه حينئذٍ شفاعتهم)) (¬8) فالرضى: هو أن يرضى الجليل -سبحانه- عن الشافع، فلا يحق لاي مخلوق أن يشفع لاحد قبل أن يكون مرضياً عنه من قبل الله جل جلاله.
يقول الشيخ عبد الرحمن حبنكه الميداني: ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة احداً الا شفاعة من اذن له الرحمن بالشفاعة ورضي له قولاً، فان شفاعته قد تنفع إذا شاء الله
¬_________
(¬1) الاحزاب / 45،46.
(¬2) الحشر /5.
(¬3) انظر الحسنة والسيئة ص100، وللاستزادة انظر التفسير الكبير الرازي 28/ 307.
(¬4) في ظلال القرآن، سيد قطب 5/ 2904
(¬5) طه /109.
(¬6) الحسنة والسيئة، ص104.
(¬7) النجم /26.
(¬8) جامع البيان 13/ 62 وانظر اصول الدين الاسلامي، رشدي عليان، وقحطان الدوري ص 383.

الصفحة 48