الباب ونحو ذلك. والتوكل الذي يتوكلون يتميز عن التوكل الذي يخالطه بعض الضعف أو الشك في ساعة من الساعات فتوكلهم متصل دائم (¬1) وهؤلاء غالباً يكونون من الزهاد والصالحين -والله اعلم-.
وأما مسألة تحديد عدد هؤلاء بـ "السبعين الفاً " فهي مسألة مختلف بها باختلاف تفسير الزيادة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وعدني ربي ان يدخل الجنة من امتي سبعين الفاً لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل الف سبعون الفاً وثلاث حثيات من حثياته)) (¬2)، فقد نقل إبن حجر عن الكرماني (¬3) القولَ: ((احتمال ان يكون المراد به التكثير لا خصوص العدد)) (¬4)، وقيل معناه ((أن يدخلوا بدخولهم تبعاً لهم وان لم يكن لهم مثل اعماله. ويحتمل ان يراد بها دخولهم الجنة بغير حساب وان كان دخولهم في الزمرة الثانية أو بعدها)) (¬5). وجنح إبن حجر إلى القول الاخير منها وهو اظهر الاقوال -والله اعلم-
وورد الاختلاف في شخصية الرجل الذي قام بعد عكاشة فقيل هو سعد إبن عبادة وهو قول ضعيف جاء به "الخطيب" في المبهمات (¬6) من طرقٍ ضعيفة تصرح بذلك (¬7). ضعفها إبن حجر في الفتح وقال:
((فان كان محفوظاً فلعله الاخر باسم سيد الخزرج واسم أبيه ونسبته فان في الصحابة كذلك اخر له في مسند بقي بن مخلد (¬8) حديث، وفي الصحابة سعد بن عمارة الانصاري فلعل اسم أبيه تحرف)) (¬9)، ورجح الإمام النووي انه سعد بن عبادة (¬10) - رضي الله عنه -.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - "سبقك بها عكاشة" فقيل: ((انه علم بالوحي انه يجاب في عكاشة ولم يقع في حق الاخر، وقيل اراد ان يسد الباب ويحسم المادة، فلو قال للثاني نعم، لقام
¬_________
(¬1) انظر فتح الباري إبن حجر 11/ 499.
(¬2) انظر تخريجه برقم (51).
(¬3) انظر ترجمته في ملحق الاعلام.
(¬4) فتح الباري 11/ 500.
(¬5) فتح الباري 11/ 504.
(¬6) وأسمه الكامل: " الأنباء المبهمة في الأخبار المحكمة"، مخطوط في القاهرة.
(¬7) انظر فتح الباري 11/ 502.
(¬8) انظر ترجمته في ملحق الاعلام
(¬9) فتح الباري 11/ 504 وفيها اسحق بن بشر البخاري وهو ضعيف انظر ميزان الاعتدال 1/ 184.
(¬10) انظر شرح مسلم، النووي 3/ 89.