كتاب الشفاعة في الحديث النبوي

ثالثُ ورابعٌ ... وهكذا. وقيل كان الثاني منافقاً ورده إبن تيمية)) (¬1).
وذهب إبن حجر إلى القول أن السبعين الفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم من أهل المدينة يحشرون من مقبرة بالبقيع، اعتماداً على حديث ام قيس بنت محصن - أخت عكاشة - رضي الله عنه - أنها خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى البقيع فقال: ((يحشر من هذه المقبرة سبعون الفاً يدخلون الجنةَ بغير حساب كان وجوههم القمر ليلة البدر. فقام رجل فقال: يا رسول الله وانا؟ قال: وأنت. فقام اخر فقال: وانا؟ قال: سبقك بها عكاشة ... )) (¬2)، وقد يؤيده الأحاديث الواردة في شفاعة المدينة.

النوع الرابع: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن تساوت حسناته وسيئاته.

ذهب جمهور المفسرين إلى ان أهل الأعراف هم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فلا هم استحقوا النار فيدخلونها ولا استحقوا الجنة فيدخلونها، وان كان مآلهم إلى الجنة (¬3) -برحمة الله- ورجح ذلك الحافظ إبن حجر بعد عرض الأقوال المختلفة فيهم (¬4).
ودليلهم في ذلك وإن قصر عن درجة الصحة إلا أن كثرة طرقه قد يقوي بعضها بعضا. فمنها ما اخرجه الطبراني بسنده موقوفاً على إبن عباس - رضي الله عنه -:- ((السابق يدخل الجنة بغير حساب والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه واصحاب الأعراف يدخلونها بشفاعة النبي ((- صلى الله عليه وسلم - (¬5).
وهذا أصرح حديث بشفاعته - صلى الله عليه وسلم - لهم، وهو أولا موقوف وثانيا: فيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني. (¬6) ونقل أهل التفسير في ذلك اثارا لم تصح. (¬7)
¬_________
(¬1) انظر شرح مسلم 3/ 88 - 93 وفتح الباري 11/ 502 - 503.
(¬2) اخرجه الطبراني - في الكبير- 25/ (445)، وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/ 13 وقال فيه من لم اعرفه.
(¬3) انظر جامع البيان، الطبري 5/ 190، والتفسير الكبير، الرازي 14/ 94، وتفسير القران العظيم، إبن كثير 2/ 207
(¬4) انظر فتح الباري، إبن حجر11/ 523.
(¬5) اخرجه الطبراني في الكبير 11/ (11454)، والطبري في تفسيره 5/ 190
(¬6) قال عنه الذهبي 4/ 211 معروف ليس بثقة. فان إبن حيان قال فيه دجال. وقال إبن عدي: منكر الحديث. وعد الذهبي هذا الحديث من مناكيره.
(¬7) انظرها في جامع البيان 5/ 190، والتفسير الكبير 14/ 94،وتفسير القرآن العظيم2/ 207 - 208.

الصفحة 88