كتاب الشفاعة في الحديث النبوي

والنصوص في اخراج الموحدين من النار ودخولهم الجنة كثيرة فمنها: ما رواه البخاري عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يخرج من النار قوم بالشفاعة كانهم الثعارير)) قلنا وما الثعارير؟ قال: "الضغابيس" (¬1)، واخرج الإمام مسلم بسنده عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال:

((أتاني جبريل فبشرني انه من مات من امتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت وان زنى وان سرق؟ قال وان زنى وان سرق)) (¬2).
وهذه الشفاعة هي التي اختارها - صلى الله عليه وسلم - حين خُير بما جاء في حديث أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((خُيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة، لانها اعم واكفى اترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمذنبين، الخاطئين، المتلوثين)) (¬3). فهذه الشفاعة مقصورة على المتلوثين الخطائين -شفاعة أهل الكبائر- أما المتقين فهم ليسوا من أهلها، بل قد تشملهم شفاعات اخرى كشفاعة المقام المحمود أو السبعين الفاً أو غيرها من الشفاعات.
وجاء من حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاني آت من عند ربي فخيرني بين ان يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة فهي نائلة من مات لا يشرك بالله شيئاً)) (¬4). وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته واني احتبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة -ان شاء الله- من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً)) (¬5).
قال الإمام النووي: ((وفي هذا الحديث بيان كمال شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته، ورأفته بهم، واعتنائه بالنظر في مصالحهم المهمة فأخر - صلى الله عليه وسلم - دعوته لأمته إلى أهم أوقات حاجاتهم)) (¬6).
¬_________
(¬1) انظر تخريجه برقم (60).
(¬2) انظر تخريجه برقم (106).
(¬3) انظر تخريجه برقم (62).
(¬4) انظر تخريجه برقم (15).
(¬5) انظر تخريجه برقم (2).
(¬6) شرح مسلم3/ 75 وانظر فتح الباري، إبن حجر11/ 117،وشرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص501.

الصفحة 93