كتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

ومنها قول أبي برزة (¬332) رضي الله عنه (غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... سبع غزوات أو ثماني) (¬333).
قلت: الأجود أن يقال: سبع غزوات أو ثمانيًا، بالتنوين؛ لأن لفظ "ثمان" وإن كان كلفظ "جوارٍ" في أن ثالث حروفه ألف بعدها حرفان ثانيهما ياء، فهو يخالفه في أن "جواري" جمع، و "ثمانيا" ليس بجمع.
واللفظ بهما في الرفع والجر سواء، ولكن تنوين "ثمان" تنوين صرف كتنوين "يمان" (¬334) وتنوين "جوار" تنوين عرض، كتنوين "أُعَيْم" (¬335).
وإنما يفترق لفط "ثمان" ولفظ "جوارٍ" في النصب، فإنك تقول: رأيت جواري ثمانيًا، فتترك تنوين "جوار" لأنه غير منصرف- وقد استغنى عن تنوين العوض بتكمل لفظه- وتنون "ثمانياً" لأنه منصرف، لانتفاء الجمعية.
ومع هذا ففي قوله "أو ثماني"، بلا تنوين ثلاثة أوجه:
أحدها -وهو أجودها، أن يكون إ اد: أو ثماني غزوات، ثم حذف المضاف إليه وأبقَى المضاف على ما كان (¬336) عليه قبل الحذف، وحسن الحذفُ دلالة ما تقدم (¬337) من مثل المحذوف، مثله قول الشاعر (¬338):
60 - خمسُ ذودٍ أوست عُوضتُ منها ... مئة غيرَ أبكرٍ وإفالَ، (¬339)
¬__________
(¬332) ب: هريرة. تحريف.،
(¬333) لفظ البخاري 2/ 78) غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست غزوات أو سبع غزوات وثمان).
وجاء في نسخة بلفظ "ثماني" وبلفظ "ثمانيًا"، وفي فتح الباري 3/ 324 "أو ثماني".
(¬334) ب: ثمان. تصحيف.
(¬335) أُعيْم: تصغير أعمى، غير منصرف للوصف والوزن، ويلحقه التنوين رفعا وجرًا، تقول: هذا أعيم ومررت بأعيم، ورأيت أعيمي. والتنوين فيه عوض من الياء المحذوفة كما في ْنحو: جوارٍ. ينظر: شرح الأشموني 3/ 273.
(¬336) ب: على ما هو.
(¬337) ج: ما تقدم عليه.
(¬338) لم أقف على البيت في كتاب.
(¬339) الافال: صغار الإبل، بناتُ مخاض ونحوها.

الصفحة 101