ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنما مثلكم واليهودِ والنصارى كرجل (¬372) استعمل عمالًا) (¬373)
قلت: تضمن هذا الحديث العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار. وهو ممنوع عند البصريين (¬374) إلا يونسَ وقطربًا والأخفش (¬375).
والجواز أصح من المنع، لضعف احتجاج المانعين (¬376) وصحةِ استعماله نثراً ونظما (¬377).
أما ضعف احتجاجهم فبين، وذلك أن لهم حجتين:
إحداهما- (¬378) أن ضمير الجر شبيه بالتنوين ومعاقب له، فلم يجز العطف عليه كمالا يعطف على التنوين.
الثانية- أن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يصح حلول كل واحد منهما محل الآخر، وضمير الجر لا يصح حلوله محل ما يعطف عليه، فمنع العطف عليه إلا باعادة حرف الجر، نحو قوله تعالى {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا} (¬379).
والحجتان ضعيفتان (¬380)
أما الأولى، فيدل على ضعفها أن شبه الضمير (¬381) بالتنوين ضعيف، فلا
¬__________
(¬372) في أج د: كمثل رجل. وما أثبته من ب وصحيح البخاري.
(¬373) صحيح البخاري 3/ 112. وروي لفظ " اليهود، بالجر والرفع.
(¬374) ينظر المسألة 65 من الإنصاف 2/ 462.
(¬375) مذهب الأخفش في معاني القرآن غير ما نسب إليه هنا. فقد ذكر في ص 374 قوله تعالى {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} ثم قال بعده (وقال بعضهم: "والأرحامِ" جرْ، والأول أحسن، لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور).
(¬376) د: الاحتجاج للمانعين. تحريف.
(¬377) أج: نظمًا ونثرًا.
(¬378) ب: احدهما. تحربف.
(¬379) فصلت 11/ 41.
(¬380) ب: ضعيفان. تحريف.
(¬381) د: المضمر.