ومنها قول رسول الله (فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا) (¬538).
قلت: (¬539) نصب "نارًا" على التمييز، وأسند "يتوقد" إلى ضمير عائد على "الثقب". كما يقال: مررت بامرأة تتضوع من اردانها طيبا.
وعلامة صحة انتصاب التمييز بفعل أن يصلح اسناد الفعل إليه مضافًا الي المجعول فاعلًا، كقولك في "تتضوع من أردانما طيبا": يتضوع طييها من أردانها، وكقولك (¬540) في "طاب زيد نفسًا" طابت نفس زيد.
وهذا الاعتبار صحيح في "يتوقد تحته نارًا" بأن يقال: تتوقد ناره تحته، فصح نصب "نار" (¬541) على التمييز. ويجوز أن يكون فاعل "يتوقد" موصولًا ب "تحته " فحذف وبقيت صلته دالة عليه لوضوح المعنى، والتقدير: يتوقد الذي تحته نارًا، أو: يتوقد ما تحته نارًا. و"نارًا" أيضا تمييز.
ونظير هذا التقدير قول الأخفش في {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا} (¬542) إن أصله: وإذا رأيت ما ثم (¬543).
وحذف الموصول لدلالة صلته (¬544) عليه مما انفرد به الكوفيون (¬545)، ووافقهم الأخفش.
وهم في ذلك مصيبون.
¬__________
(¬538) صحيح البخاري 2/ 125. وقىِ نسخة" تتوقد تحته نارُ".
(¬539) ب: قلت تضمن هذا الحديث. تحريف.
(¬540) من "طيبا" إلى هنا ساقط من ب. وكتب بدله (ومنه طاب).
(¬541) د: نارا: تحريف.
(¬542) الانسان 20/ 76.
(¬543) لم أقف على هذا التقدير في "معاني القرآن" للأخفش، ولكنى وجدته يصرح عند تفسير الآية
في ص 60 بما يأتى: (يريد أن يجعل "رأيت" لا تتعدى، كما يقول: ظننت في الدار خير" وما نسبه ابن مالك إلى الأخفش ثابت في "معاني القرآن" للفراء 3/ 218 وقال مكي فى "مشكل اعراب القرآن" ص 785 (وقال الفراء والأخفش: "ثمْ" مفعول به لرأيت).
(¬544) ج: الصلة. تحريف.
(¬545) ب: الكوفيين. تحريف.