ومن دلائل إصابتهم قوله تعالى {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} (¬546) والأصل: بالذي أنزل الينا وبالذي (¬547) أنزل اليكم؛ لأن الذي أنزل الينا ليس هو الذي أنزل إلى من قبلنا ,ولذلك أعيدت "ما" بعد "ما" في قوله تعالى [12ظ]، {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} (¬548).
ومن حذف الموصول مستغنى عنه بصلته قول حسان رضي الله عنه (¬549):
91 - أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء
يريد: أمن يهجو رسول الله منكم أيها المشركون ومن يمدحه منا وينصره سواء. ومثل قول حسان قول الأخرْ (¬550):
92 - ما الذي دأبه احتياط وحزم ... وهواه أطاع يستويان
يريد: ما الذي دأبه احتياط وحزم، والذي هواه أطاع يستويان.
وأحسن ما يستدل بهٍ على هذا الحكم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المهجر كالذي يهدي
بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشًا، ثم دجاجة، ثم بيضة) (¬551). فإن فيه حذف الموصول وأكثر (¬552) الصلة ثلاث مرات؛ لأن التقدير: ثم كالذي يهدي كبشا، ثم كالذي يهدى دجاجهْ، ثم كالذي يهدى بيضة.
وإذا حذف الموصول وأكثرالصلة، فإن يحذف (¬553) الموصول وتبقى الصلة بكمالها أحق بالجواز وأولى.
¬__________
(¬546) العنكبوت 29/ 46.
(¬547) أ: والذى.
(¬548) سورة البقرة 2/ 136.
(¬549) ديوانه ص 8 برواية "فمن يهجو" وينظر معاني القرآن للفراء2/ 315 ومعجم شواهد العربية 1/ 20.
(¬550) قائل البيت مجهول. ينظر: مغنى اللبيب 2/ 692، ومعجم شواهد العربية 1/ 400.
(¬551) صحيح البخاري 2/ 14.
(¬552) ب: في أكثر تحريف.
(¬553) ب: يجوز، تحريف.