كتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

ومنها قول أبي شريح الخزاعي (¬849) (سمعتْ أُذناي وأبصرت عيناي النبي - صلى الله عليه وسلم - حين تكلم) (¬850).
قلت: في هذا الحديث تنازعُ الفعلين مفعولا واحد!، وأيثار الثاني بالعمل، أعني "أبصرت". لأنه لو كان العمل ل "سمعتْ" لكان التقدير: سمعت أذناي النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان يلزم على مراعاة الفصاحة أن يقال: "وأبصرته". فإذا أُخر المنصوب وهو مقدم في النية بقيت الهاء متصلة ب "أبصرتْ" ولم يجز حذفها. لأن حذفها يوهم غير المقصود.
فإن سُمعَ الحذفُ، مع العلم بأن العمل للأول، حكم بقبحه (¬851) وعُد من الضرورات.
ومن تنازع الفعلين وجعل العمل للثاني قوله تعالى [19و]: " {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} (¬852).ً
وفي الحديث المذكور شاهد على أنه قد يتنازع منصوبًا واحدا فعلا فاعلين متباينين، فيستفاد من "سمعت اذناي وأبصرت عيناي النبي - صلى الله عليه وسلم - " جواز: أطعم زيد وسقى محمَّد جعفرا.
وأكثر النحويين لا يعرفون هذا النوع من التنازع. ونظيره قول الشاعر (¬853):
136 - أصبت سعادُ وأضنت زينب عمرا ... ولم ينل منهما عينا ولا أثرا
¬__________
(¬849) في صحيح البخاري 8/ 13: العدوي. وهو الخزاعي نفسه. ينظر أُسد الغابة لابن الأثير 5/ 225 - 226
(¬850) الذْي ورد في صحيح البخاري 8/ 13 "سمعتْ أُذناي وابصرت عيناي حين تكلم النبي
- صلى الله عليه وسلم - ". ولم أقف على رواية ابن مالك في البخاري.
(¬851) ج: بفتحه. تصحبف.
(¬852) الكهف 18/ 96.
(¬853) لم أقف على البيت في كتاب.

الصفحة 181