كتاب سيرة ابن اسحاق = السير والمغازي

فقال: يا رسول الله لو أخبرتك أني لم أكن نائماً صدقتك إن شاء الله، إني بينا أنا بين النائم واليقظان رأيت شخصاً عليه ثياب خضر، فاستقبل القبلة فقال:
الله أكبر الله أكبر، مثنى، اشهد الا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مثنى، حي على الفلاح مثنى، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، ثم أمهل ساعة، ثم قام فقال مثل مقالته غير أنه حين فرغ من قوله حي على الفلاح قال: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الأذان والإقامة مثنى مثنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علمها بلالاً، فأمر بلال فأذن بها، وجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله لقد رأيت مثل الذي أري الأنصاري، ولكنه سبقني إليك، فهذه حال أخرى، وكان الرجل إذا انتهى إلى الناس وهم في الصلاة سألهم: كم صليتم؟ فيشيرون إليه بواحدة واثنتين بكم كان، فيبدؤون بما فاتهم، ثم يدخلون فيما بقي من الصلاة، فجاء معاذ فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى بعض صلاته فثبت على ما أدرك فصلى، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته [152] قام معاذ فقضى ما فاته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد بين «1» لكم معاذ، فهكذا فافعلوا، فهذه حال.
وأما الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم أن الله عز وجل فرض شهر رمضان فأنزل الله عز وجل:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» إلى قوله: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ» فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً، ثم أن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم وكتب الاطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم فأنزل الله عز وجل: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» إلى آخر الآية، وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب واتيان النساء، فكان رجل من الأنصار يدعى صرمة «2»
__________
(1) كتب فوقها في الأصل «سن» وكذا جاء في ع.
(2) عند أبي داود: 2/ 295: صرمة بن قيس، وانظره أيضا في: 1/ 138- 141.

الصفحة 298