كتاب سيرة ابن اسحاق = السير والمغازي

(قال أبو شعيب: حدثنا التوزي أبو محمد قال قال الأصمعي ما تكلم لهذه الكلمة لو وجدني نائماً ما أيقظني أحد في جاهلية ولا إسلام إلا قتل) قال: فنزل فتحدث معه ساعة، وتحدثوا معه، ثم قال: هل لك يابن الأشرف أن نتماشى إلى شعب العجوز «1» فنتحدث بقية ليلتنا هذه؟ قال: إن شئتم، فخرجوا يتماشون ساعة، ثم إن أبا نائلة شام يده في فود رأسه ثم شم يده، ثم قال ما رأيت كالليلة طيباً أعطر قط، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها فأخذ بفودي رأسه، ثم قال اضربوا عدو الله فضربوه فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئاً، قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولاً «2» في سيفي حين رأيت أسيافنا لم تفن شيئاً، فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم تبق حولنا حصن إلا أوقدت عليه النار فوضعته في ثنته «3» ثم تحاملت عليه حتى بلغت (8- و) عانته فوقع عدو الله وقد أصيب الحارث بن أوس بن معاذ فجرح في رأسه أو في رجله أصابه بعض أسيافنا، قال: فخرجنا حتى سلكنا على بني أمية بن زيد، ثم على بني قريظة، ثم على بعاث حتى اسندنا في حرة العريض «4» وقد أبطأ عنا صاحبنا الحارث بن أوس ونزفه الدم، فوقفنا له ساعة، ثم أتانا يتبع آثارنا، فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي، فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل عدو الله، وتفل على جرح صاحبنا، ورجعنا إلى أهلنا، فأصبحنا وقد خافت يهود تبعتنا، فليس بها يهودي الا وهو يخاف على نفسه.
وقال «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فوثب محيصة بن مسعود على أبي سنينة «6» ، رجل من تجار يهود- وكان يلابسهم ويبايعهم
__________
(1) قرب المدينة.
(2) المغول: حديدة دقيقة لها حد ماض.
(3) في مغازي الواقدي: 1- 190 «في سرته» والسنة ما بين أسفل البطن إلى العانه.
(4) جميع هذه الأماكن في ضواحي المدينة.
(5) سقط عنوان هذا الخبر من الأصل وهو «أمر محيصة وحويصة» .
(6) في مغازي الواقدي: 1- 191 «ابن سنينة» .

الصفحة 319