كتاب سيرة ابن اسحاق = السير والمغازي

حنظلة لتغسله الملائكة- فسلوا أهله ما شأنه؟ فسئلت صاحبته، فقالت: خرج وهو جنب حين سمع الهائعة «1» ، فقال رسول الله: لذلك غسلته الملائكة.
أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال: نا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحق قال: قد وقفت هند بنت عتبة كما حدثني صالح بن كيسان والنسوة الآتون معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدعن الآذان والآناف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنافهم خذماً وقلائداً، وأعطت خذمها وقلائدها وقرطيها وحشياً غلام جبير بن مطعم، وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطيع أن تسيغها، ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها وقالت، من الشعر حين ظفروا بما أصابوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نحن جزيناكم بيوم بدر
فأجابتها هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف فقالت:
خزيت في بدر وبعد بدر «2»
ثم إن أبا سفيان حين أراد الانصراف علا الجبل ثم صرخ بأعلى صوته:
أنعمت فعال «3» ... إن الحرب سجال
يوم بيوم بدر ... أعل هبل
أي ظهر دينك- فقال رسول الله لعمر رحمة الله عليه قم فأجبه (15- ظ)
الله أعلا وأجل ... لا سواء
قتلانا في الجنة ... وقتلاكم في النار
فلما أجاب أبا سفيان قال: هلم إلي يا عمر، فقال له رسول الله: إئته فانظر ما شأنه، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمداً؟ قال: اللهم لا، وإنه
__________
(1) اي الصيحة، صيحة النفير.
(2) انظر ابن هشام: 2/ 91- 92 ففيه من الشعر وخبره كمية اوفى مما ورد هنا.
(3) قاله يخاطب نفسه ويعني به «بالغت في هذه الوقيعة وأحسنت» . أنظر شرح السيرة النبوية لأبي ذر. 2/ 230- 231.

الصفحة 333