كتاب تفسير العثيمين: جزء عم

{رَّبِّ السَّمَوَتِ وَالَاْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً * يَوْمَ يَقُومُالرُّوحُ وَالْمَلَئِكَةُ صَفّاً لَاّ يَتَكَلَّمُونَ إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مََاباً * إِنَّآ أَنذَرْنَكُمْ عَذَاباًقَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَلَيْتَنِى كُنتُ تُرَباً} .
{رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن} فالله سبحانه وتعالى هو رب كل شيء، قال الله تعالى: {إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء} [النمل: ٩١] . فهو رب السماوات السبع الطباق، ورب الأرض وهي سبع كما ثبت ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. (¬١) {وما بينهما} أي ما بين السماوات والأرض من المخلوقات العظيمة كالغيوم والسحب والأفلاك وغيرها مما نعلمه، ومما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وقوله: {لا يملكون منه خطاباً} يعني أن الناس لا يملكون الخطاب من الله، ولا يستطيع أحد أن يتكلم إلا بإذن الله، وذلك {يوم يقوم الروح} وهو جبريل {والملائكة صفًّا} أي صفوفاً. صفًّا بعد صف، لأنه كما جاء في الحديث: «تنزل ملائكة السماء الدنيا فتحيط بالخلق، ثم ملائكة السماء الثانية من وراءهم، ثم الثالثة والرابعة والخامسة» (¬٢) وهكذا.. صفوفاً لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أرضين (٣١٩٥) (٣١٩٦) . ومسلم كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها (١٦١٠) (١٦١١) (١٦١٢) .
(¬٢) البداية والنهاية لابن كثير (فصل في مجئ الرب سبحانه وتعالى) ٤٧٣ / ١٩. والحاكم (٤/٦١٤) وقال الذهبي قوي.

الصفحة 36