كتاب المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي

ويقول الشيخ بهاء الدين بن النحاس في التعليقة على المقرب: "أجمع النحاة على أن ما فيه تاء التأنيث، يكون في الوصل تاء وفي الوقف هاء، على اللغة الفصحى. واختلفوا أيهما بدل من الأخرى، فذهب البصريون إلى أن التاء هي الأصل، وأن الهاء بدل عنها. وذهب الكوفيون إلى عكس ذلك. واستدل البصريون بأن بعض العرب يقول التاء في الوصل والوقف، كقوله:
الله نجاك بكفى مسلمت
ولا كذلك الهاء، فعلمنا أن التاء هي الأصل، وأن الهاء بدل عنها، وبأن لنا موضعا، قد ثبتت فيه التاء للتأنيث بالإجماع، وهو في الفعل، نحو: "قامت" و"قعدت"، وليس لنا موضع قد ثبتت الهاء فيه، فالمصير إلى أن التاء هي الأصل أولى، لما يؤدي قولهم من تكثير الأصول. واستدلوا أيضا بأن التأنيث في الوصل الذي ليس بمحل التغيير "بالتاء"، والهاء إنما جاءت في الوقف، الذي هو محل التغيير، فالمصير إلى أن ما جاء في محل التغيير هو البدل، أولى من المصير إلى أن البدل ما ليس في محل التغيير"1.
والأصل في دخول التاء على الأسماء في اللغة العربية، إنما هو تمييز المؤنث من الذكر. وقد ذكر الأشموني حالات أخرى، تدخل فيها التاء على الأسماء لغير التأنيث. ومن هذه الحالات:
__________
1 انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 46 كما يقول ابن جني "المنصف 1/ 159": "ولمعترض أن يقول: ما تنكر أن تكون الهاء هي الأصل، وأن التاء في الوصل إنما هي بدل من الهاء في الوقف؟ فالجواب عن ذلك أن الوصل من المواضع التي تجري فيها الأشياء على أصولها، وأن الوقف من مواضع التغيير والبدل".
وانظر كذلك: المنصف 1/ 161 وشرح ابن يعيش 5/ 89 وشرح الشافية 2/ 288.

الصفحة 260