كتاب المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي

وهاتان العلامتان الثانية والثالثة من علامات التأنيث، قد زالتا تقريبا من بعض اللهجات العربية الحديثة، وحلت محلها تاء التأنيث؛ فنحن نقول في: حمراء وبيضاء وصحراء وعمياء وميناء: حمره وبيضه وصحره وعميه ومينة، وكما نقول في: حُبلى وسَلمى وخُبَّازَى وعَدْوى وفَتْوى: حِبْله وسَلْمَه وخُبَّيزه وعَدْوَى وفَتْوَه.
وقد حدث مثل ذلك في لهجة الأندلس العربية، في القرن الرابع الهجري؛ فقد ذكر أبو بكر الزبيدي في كتابه: "لحن العوام" أن الأندلسين كانوا يقولون في عصره: مِينَه وحَلْوَه ودِفَله وحُبَارَه، في: ميناء وحلواء ودِفْلَى وحُبارى.
والسر في زوال هاتين العلامتين، وحلول العلامة الأولى، وهي التاء، محلهما، هو ميل اللغة إلى أن تسير في طريق السهولة والتيسير؛ فبدلا من أن
__________
1 Brockelmann, Grundriss I 410.
2 انظر كذلك: التطور النحوي لبرجشتراسر 115.

الصفحة 262