كتاب المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
اللغة أعظم إنجاز بشري على ظهر الأرض، ولولا اللغة ما قامت للإنسان حضارة ولا نشأت مدنية ولقد وقر في أذهان الناس منذ القديم تقديس اللغة وإعظام شأنها، وبلغت القداسة عند الشعوب البدائية، أن ارتبطت اللغة عندهم بتأثير اللفظ وسحر الكلمة، واختلط الاسم بالمسمى، في عقيدة هذه الأقوام.
وقد أدرك العلماء في العصر الحديث، علاقة اللغة بالمجتمع الذي تعيش فيه، ومدى تأثرها وتأثيرها عليه، كما عرفوا الصلة القائمة بين اللغة والنفس الإنسانية، وتلونها بألوان الانفعالات والعواطف الوجدانية، لدى بني البشر.
ولم يأل علماء اللغة جهدا في الوقوف على أسباب الصراع اللغوي بين اللغات المتجاورة ومظاهره ونتائجه، وولادة لغة واندثار أخرى، والعلاقة بين اللغات واللهجات.
وأفاد هؤلاء العلماء من معطيات العلوم الأخرى في الدرس اللغوي، فاستخدموا المعامل في الوقوف على كنه الصوت اللغوي ومميزاته، واستطاعوا أن يصفوا بدقة الفرق بين صوت وصوت، ويميزوا الوحدات الصوتية، وتنوعاتها المختلفة في هذه اللغة أو تلك.
كما استخدم العلماء طرائق علم الجغرافيا، في وضع الظواهر اللغوية على خرائط تبين حالها، وتوضح توزيعها بين المتحدثين بهذه اللهجة أو تلك. شأنها في ذلك شأن الظواهر الطبيعية والجوية والاقتصادية، في خرائطها الدالة عليها.
الصفحة 3
320