كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

نعلِه اليسرى من غير لبس، ثمَّ خرج باليمنى، ولبسَها، ثم لبس اليسرى -والله أعلم-.
واعلمْ أن تقديمَ اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنَّة، لو خالفه، صح الوضوءُ، وفاته الفضيلةُ، وقالت الشِّيعةُ: هو واجب، ولا اعتدادَ بخلافهم، لكن قال الشَّافعي: الابتداءُ باليسارِ مكروهٌ -نص عليه في "الأم"- (¬1).
وقد روى أبو داودَ والتّرمذي بأسانيدَ جيدةٍ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا لَبِسْتُمْ وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَؤُوا بِأيَامِنِكُمْ" (¬2) ظاهرُ الأمرِ فيه للوجوب، فمخالفته محرَّمةٌ، لكن انعقد الإجماع على عدم التَّحريم، فثبتتِ الكراهة -والله أعلم-.
* * *

الحديث العاشر
عن نُعيمٍ الْمُجْمِرِ، عَنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ: "إن أمتي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ" (¬3).
وفي لفظ: رأيتُ ابا هريرةَ يتوضَّأ، فَغسَلَ وجهَه ويدَيْه حتَى كَادَ يبلغُ المنكبينِ، ثمَّ غسَلَ رِجْلَيه حتَى رفعَ إلى الساقين، ثمَّ قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -
¬__________
(¬1) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (1/ 26).
(¬2) رواه أبو داود (4141)، كتاب: اللباس، باب: في الانتعال، وابن ماجه (402)، كتاب: الطهارة، باب: التيمن في الوضوء، والإمام أحمد في "المسند" (2/ 354)، وابن خزيمة في "صحيحه" (178)، وابن حبان في "صحيحه" (1090).
قلت: ولم يروه الترمذي باللفظ المزبور، وإنما روى (1766)، كتاب: اللباس، باب: ما جاء في القمص، من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لبس قميصًا بدأ بميامنه". ولعل المؤلف قد تبع شيخه النووي - رحمه الله - في "رياض الصالحين" (ص: 198)، في نسبة الحديث للترمذي، والله أعلم.
(¬3) رواه البخاري (136)، كتاب: الوضوء، باب: فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء.

الصفحة 105