كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)
وإناثَهم، وقيل: هو الشَّرُّ، وقيل: الكفرُ، وقيلَ: الخُبُثُ: الشَّيطان، والخبائثُ: المعاصي، وقال ابن الأعرابيّ: الخبثُ في كلام العرب: المكروهُ؛ فإن كان من الكلام، فهو الشَّتم، وإن كان من الملل، فهو الكفرُ، وإن كان من الطعام، فهو الحرام، وإن كان من الشَّراب فهو الضَّارُّ (¬1).
ولا شك في صحة هذا الحديث من رواية أنسٍ - رضي الله عنه - كما ذكره المصنِّفُ، وهو ثابتٌ في "الصحيحين"، وقد رواه أبو داود والترمذي والنَّسائي وابنُ ماجَهْ، والحاكمُ أبو عبد الله في "مستدركه" من روايةِ زيدِ بنِ أرقم - رضي الله عنه - بزيادة في أوله، وهي: "إن هذِهِ الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإذَا أتَى أَحَدُكُمُ الخَلاءَ، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ"، وقال الترمذي: حديثُ أنسٍ أصح شيءٍ في الباب وأحسنُ، وحديثُ زيدِ بنِ أرقم في إسناده اضطرابٌ (¬2)، وأشار إلى اختلاف الرواةِ فيه، وقال أبو محمد عبدُ الحق في "أحكامه الوسطى": حديثُ زيدِ بن أرقم اختلف في إسنادِه، والذي أسنده ثقةٌ، وقال الحاكم: هو من شرط الصحيح، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، وقال شيخنا أبو زكريا النواوي - رحمه الله -: حديثُ زيدِ بنِ أرقمَ صحيحٌ أو حسنٌ، قلتُ: وهو حسنٌ عندَ أبي داودَ؛ لسكوته عليه -والله أعلم-.
قال شيخنا أبو الفتح بنُ دقيق العيد القشيريّ - رحمه الله - قولُه: "إذا دخلَ": يحتملُ أن يُرادَ به: إذا أراد الدخول؛ كما في قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ
¬__________
(¬1) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (2/ 192)، و"الفائق في غريب الحديث" للزمخشري (1/ 348)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 228)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2/ 6)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (3/ 82)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" له أيضًا (ص: 36)، و"لسان العرب" لابن منظور (2/ 141)، (مادة: خبث).
(¬2) رواه أبو داود (6)، كتاب: الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء، والنسائي في "السنن الكبرى" (6/ 23)، والترمذي في "العلل" (ص: 22)، وابن ماجه (296)، كتاب: الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء، والحاكم في "المستدرك" (669).