كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

"ليُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ" (¬1)، واللَّيُّ -بفتح اللام وتشديد الياء-: المَطْل، والواجِد -بالجيم-: الموسر، وإحلال عرضه: بأن يقول: ظلمني، مطلني، وعقوبته: تعزيره وحبسه.
ومنها: تحريم مَطْلِ الغني وغيره، ممَّن عليه حقٌّ، وهو قادر على القيام به؛ كالزوجين فيما يتعلق بكل واحد منهما من الحق الذي عليه.
وقد قال العلماء: يجب على كل واحدٍ من الزوجين بذلُ ما يجب عليه، من غير مطل، ولا إظهار كراهة، وكذلك الأولاد والوالدون، وكذلك السادات والعبيد، وكذلك الرعاة والرعايا، وكذلك الحكام والمتحاكمون، وكذلك النظار والمنظور عليهم، وكذلك المقدمون والمقدم عليهم، وكذلك كل من له سلطنة على شيء، ومن هم مسلطَنٌ عليهم، والله أعلم.
ومنها: جواز الحوالة، وكل أمر فيه تنفيس وعدم شغب، بل ذلك جميعه مستحب، ومذهب الشافعي والجمهور: استحباب قبول الحوالة، إذا أحيل على مليء، وحملوا الحديث على الندب، وقال بعض العلماء: هو مباح لا مندوب، وقال بعضهم: هو واجب؛ لظاهر الأمر، وإليه ذهب داود الظاهري وغيره، والله أعلم.
ومنها: ترك أسباب المقاطعات والوقيعات، وتعاطي أسباب المواصلات، وعدم القطيعات.
ومنها: استعمال الأمور السهلة بالنسبة إلى نظر الشرع، لا بما يلائم النفوس وحظوظها المذمومة، والله أعلم.
* * *
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (3628)، كتاب: الأقضية، باب: في الحبس في الدين وغيره، والنسائي (4690)، كتاب: البيوع، باب: مطل الغني، وابن ماجه (2427)، كتاب: الصدقات، باب: الحبس في الدين والملازمة، والإمام أحمد في "المسند" (4/ 22)، عن الشريد بن سويد - رضي الله عنه -.

الصفحة 1186