كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

والثاني: عكسه؛ حقيقة في الوطء، مجاز في العقد، وبه قال أبو حنيفة.
والثالث: أنه حقيقة فيهما بالاشتراك، والله أعلم (¬1).
* * *

الحديث الأول
عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُمُ البَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّج؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلفَرْجِ، ومَن لَم يَستَطعْ، فَعَلَيْه بِالصَّوْمِ؛ فَإنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" (¬2).
أما المعشر، فقال أهل اللغة: هم الطائفة الذين يشملهم وصف الشباب؛ فالشباب معشر، والأنبياء معشر، والشيوخ معشر، والنساء معشر، وكذا ما أشبه ذلك.
فالشباب: جمع شاب، ويُجمع على شُبَّان، وشَبَبة (¬3).
والشاب عند الفقهاء من الشَّافعية: من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة.
وأَمَّا الباءة؛ فأصلها في اللغة: الجِمَاع، وهي مشتقة من المباءة، وهي المنزل، ومن مباءة الإبل، وهي مواطنها، ثم قيل لعقد النكاح: باءة؛ لأنَّ من تزوَّج امرأةً، بَوَّأها منزلًا.
وفي الباءة، أربع لغات: الفصيحة المشهورة: الباءة: بالمد والهاء،
¬__________
(¬1) وانظر في معاني النكاح لغة وشرعًا: "المُغرب" للمطرزي (2/ 327)، و"التعريفات" للجرجاني (ص: 315)، و "شرح مسلم" للنووي (9/ 171 - 172)، و "تحرير ألفاظ التنبيه" له أيضًا (ص: 249)، و "لسان العرب" لابن منظور (2/ 626)، و"المصباح المنير" للفيومي (2/ 624)، و "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح الحنبلي (ص: 318)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 103).
(¬2) رواه البُخاريّ (4779)، كتاب: النكاح، باب: من لم يستطع الباءة فليصم، ومسلم (1400)، كتاب: النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه.
(¬3) انظر: "العين" للخليل (1/ 248)، و "لسان العرب" لابن منظور (4/ 572)، و "شرح مسلم" للنووي" (9/ 172 - 173)، وعنه أخذ المؤلف - رحمه الله - مادته هذه.

الصفحة 1250