كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

وروى عنها: عبد الله بن عباس، وابناها عبد الله، وعروة، وغيرهم من أنسالها وأقاربها وغيرهم.
وتوفيت بمكة بعد ابنها عبد الله بيسير، واختلف في تعيينه، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وبلغت من العمر مئة سنة لم يسقط لها سن، ولم ينكر من عقلها شيء، والله أعلم (¬1).
وأما قولها: "نحرْنا على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفي رواية للبخاري: ذبحنا فرسًا (¬2). فقد اختلف في ذلك، فمنهم من حمل الروايتين على قضيتين، فمرة نحروها، ومرة ذبحوها، وهو الصحيح المرجح عندهم؛ حيث إنه حملهما على الحقيقة فيهما مع فائدة جواز نحر المذبوح وذبح المنحور، وهو مجمع عليه، وإن كان فاعله مخالفًا للأفضل، ومنهم من حمل النحر على الذبح؛ جمعًا بين الحقيقة والمجاز.
والفرس تطلق على الذكر والأنثى بالاتفاق.
وقولها: "ونحن بالمدينة"، إشارة إلى أن النحر كان آخر الأمر لا في أوله، لئلا يدعي المخالف أن هذا كان في أول الأمر، وأنه منسوخ، فذكر المدينة إزالة للشك؛ لأن ما كان فيها كان آخر أمره - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.
وفي هذا الحديث دليل: على إباحة نحر الخيل، وأكل لحمها، وهو مذهب الشافعي، وأحمد، وجمهور السلف والخلف، لا كراهة فيه، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين وجماهير الفقهاء والمحدثين، منهم: عبد الله بن الزبير،
¬__________
(¬1) وانظر ترجمتها في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (8/ 249)، و "حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/ 55)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1481)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (69/ 9)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (2/ 58)، و "أسد الغابة" لابن الأثير (7/ 7)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 597)، و"تهذيب الكمال" للمزي (35/ 123)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 287)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (7/ 486)، و "تهذيب التهذيب" له أيضًا (12/ 426).
(¬2) رواه البخاري (5192)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: النحر والذبح.

الصفحة 1591