كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

والصواب: التحريم كما قاله الجمهور.
وأما الحديث في إباحته، الذي رواه أبو داود عن غالب بن أبجر، قال: أصابتنا سنة، فلم يكن لي في مالي شيء أطعم أهلي إلا شيء من حمر، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم لحوم الحمر الأهلية، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! أصابتنا السنة، ولم يكن لي في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر، وإنك حرمت لحوم الحمر الأهلية، فقال: "أطعمْ أهلكَ من سمينِ حمركَ، فإنَّما حرمتها من أجلِ جوال القرية" (¬1). يعني بالجوال: التي تأكل الجلة: وهي العذرة، فهو حديث اختلف في إسناده اختلافًا كبيرًا.
قال البيهقي: إسناده مضطرب، ثم لو صح، لكان محمولًا على حال الاضطرار، والأكل منها للمضطر جائز بالاتفاق، والله أعلم.
* * *

الحديث الخامس
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَصَابَتنا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيبرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبرَ، وَقَعنَا في الحُمُرِ الأَهلِيةِ، فنحَرنَاهَا، فَلَمَّا غَلَتْ بِهَا القُدُورُ، نَادَى مُنَادِي رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِ: اكْفَؤوا القُدُورَ، وَلَا تَأكلُوا مِنْ لُحُوم الحُمُرِ شَيئًا (¬2).
أما عبد الله بن أبي أوفى؛ فهو أسلميٌّ، كنيته: أبو إبراهيم، وقيل: أبو محمَّد، وقيل: أبو معاوية بن أبي أوفى، علقمةَ بنِ خالدِ بن الحارث بن أبي
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (3809)، كتاب: الأطعمة، باب: في لحوم الحمر الأهلية، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (6/ 48)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1131)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/ 203)، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 266)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 332).
(¬2) رواه البخاري (3983)، كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر، ومسلم (1937)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، وهذا لفظ مسلم.

الصفحة 1597