كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

وفي رواية "سنن أبي داود" وغيره: "أفنذبح بالمروة؟ " (¬1).
وهذه الروايات محمولة على أنهم قالوا هذا وهذا وهذا، فأجابهم - صلى الله عليه وسلم - بجواب جامع لما سألوه كله ولغيره نفيًا وإثباتًا، فقال: "كلُّ ما أنهرَ الدمَ وذُكِر اسمُ الله عليه، ليسَ السنَّ والظفرَ".
والمُدَى -بضم الميم وفتح الدال المهملة-: جمع مدية -بضم الميم وكسرها وفتحها، ثلاثُ لغات-؛ وهي السكين، وهي مشتقة من المدى، وهو الغاية؛ لأن بها مدى الأجل (¬2).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنهرَ الدمَ وذُكر اسمُ الله عليه فكلوه، ليسَ السنَّ والظفرَ".
أما "أنهر" فمعناه: أسال وصبَّ بكثرة، وهو مشبه بجري الماء في النهر.
يقال: نهرَ الدمُ أو أنهرتهُ.
ونقل القاضي عياض عن بعضهم: أن أنهز -بالزاي-، والنهز: بمعنى الدفع.
قال: وهو غريب. والمشهور الذي ذكره العلماء كافة، منهم الحربي: أنه بالراء، والله أعلم (¬3).
والحكمة في إنهار الدم في الذبح تمييزُ حلال اللحم والشحم من حرامهما.
أما السنن والظفر؛ فهما منصوبان بالاستثناء بـ (ليس).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أما السنُّ، فعظمٌ"؛ أي: فهو عظم، وهو زادُ إخوانِكم من الجنِّ، وقد نُهيتم عن الاستنجاء بالعظام لذلكَ؛ لئلَّا يتنجَّسَ بالاستنجاءِ، فلذلكَ ينجُس بدمِ المذبوح، فلا تذبحوا به.
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (2821)، كتاب: الضحايا، باب: في الذبيحة بالمروة.
(¬2) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 375)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (4/ 310).
(¬3) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 30)، و"شرح مسلم" للنووي (13/ 123).

الصفحة 1630